انتفاء كونه ضالا، بتقدير أن يراد بالضلالة المرة على الواحدة على ما قد توهمه هذا الرجل.
وأما قوله إذا نفي عن نفسه المرة الواحدة من الضلالة فقد نفي ما فوقها من المرتين والمرات الكثيرة، فكلام من لم يمعن النظر في قوله المرة الواحدة، لأنه إذا أخذ في تفسير الضلالة أن تكون واحدة، وجعلت الضلالات أشياء متعددة مختلفة كالضربات المختلفة والأكلات المتنوعة، ثم نفى عن نفسه ضلالة واحدة مشروطا فيها أن تكون واحدة، لم يلزم من انتفائها بهذا القيد أن تنتفي عنه ضلالات كثيرة، لأن وجود الضلالات الكثيرة ملحوظا فيها كونها كثيرة لا ينافي اقتضاء الضلالة الواحدة عنده، لأن معنى الواحدة ليس معها غيرها، ومن وجدت عنده ضلالات كثيرة، فقد صدق عليه أنه وجدت عنده ضلالة واحدة، بمعنى أنه ليس معها غيرها.
واعلم أن مراده تعالى بقوله حاكيا عن نوح "ليس بي ضلالة" نفي الضلالة الذي هو المصدر؛ لأنه هو الذي بانتفائه ينتفي كون نوح ضالا انتفاء مطلقا، لا كما توهمه هذا الرجل من أنه عبارة عن المرة الواحدة واللفظ واضح، والمعنى ظاهر، وعند التعمق الزلل.
93- قال المصنف: واعلم أن القياس يقتضي أن يقال: "ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها" لأنه إذا قدم الصغيرة لم يحتج إلى