أقول إن الذي غير صحيح، لا إن كانت لفظة ضلالة في الآية مصدرا ولا إن كانت المرة الواحدة.
أما الأول فلأنه إذا كانت هذه اللفظة مصدرا وقد وافق على أن ضلال مصدرا أيضا وجيب أن تكون دلالتهما سواء في نفي كونه ضالا على الإطلاق، فلايكون أحد اللفظين أبلغ في الدلالة من الآخر، لأنهما معا يدلان على نفي ماهية الضلال نفسه، فإن المصدر يدل على الماهية فقط من غير دلالة على شيء آخر، فإذا نفي فقد نفيت الماهية نفسها، فلا فرق على هذا التقدير بين الضلال والضلالة.
وأما الثاني وهو أنه لا يصح ما قاله بتقدير أن يكون المراد بالضلالة المرة الواحدة؛ لأنه لو قال قائل ما عندي تمرة بمعنى تمرة واحدة وعنده تمر كثير يصح ذلك، ولم يكن كاذبا.
ألا يرى أنه لو ظهر ما أضمر فقال ليس عندي تمرة واحدة فقط، بل عندي تمر كثير، لم يكن فيما قاله متناقضا؟ فالمثال الذي ذكره يدل على عكس ما أراده.
وقول نوح "ليس بي ضلالة"، لو كان يريد به العدد بمعنى ليس بي ضلالة واحدة كما زعم هذا الرجل، ثم تركناه وظاهر اللفظ، لم يكن نافيا لكونه ضالا؛ لأنه إذا كانت الضلالة مختلفة الأنواع، وقال: ليس بي ضلالة واحدة فقط، لم يكن هذا اللفظ مفيدا لانتفاء كونه ضالا، لجواز ألا تكون ضلالة واحدة بل ضلالاته مختلفة متنوعة، فاللفظ لو تركناه وظاهره لم يدل على