المصلحة تكراره فالمخاطب أعرف بما يخطاب به، وأدرى بما يتوصل به إلى اجتناء ثمرة المخاطبة، سواء كان الباري سبحانه أو واحدا منا.
87- قال المصنف: وعلى هذا فيجب إذا وجدنا كاملا قد استعمل فيه الإيجاز أو الإطناب -ولكنه لم يقع فيه الالتفات لكن كل واحد من لطرفين واقع موقعه- أن نقول هذا ليس بحسن إذا لم ينتقل فيه من أسلوب إلى أسلوب، وهذا قول ما فيه، وما أعلم كيف ذهب على مثل الزمخشري مع معرفته بفن الفصاحة والبلاغة1.
أقول: إن هذا الاعتراض من أظرف ما يحكى وذلك أن الزمخشري ما جعل حسن الكلام مقصورا على الالتفات كالشروط التي تقدم عند عدم شروطها، ولكنه قال إن الالتفات مما تستعمله العرب، ووجه استعمالها أنه يحصل منه نوع تنبيه ما للسامع وتجديد لنشاطه إلى سماع الخطاب، فلا يلزم من ذلك أن كل خطاب لا التفات فيه فإنه لا يكون حسنا، كما إذا قلنا إنما حسن استعمال المطابقة والتجنيس في الشعر لكذا وكذا، لا يلزم منه أن يكون كل شعر لا تجنيس فيه ولا مطابقة غير حسن.
وغير هذا الكلام أن محسنات العشر والخطابة أمور كثيرة، فإذا فقد بعضها قام غيره مقامه، فحصل الحسن المطلوب.