هذه البنية المشاهدة، ولم يذهب منهم ذاهب إلى أحد هذين القسمين اللذين قد توهم هذا الرجل أنه لا يمكن المصير إلى غيرهما.
فأما قوله إن أبا علي رضي الله عنه أخطأ حيث جعل حقيقة الإنسان عبارة عن الخلق، فإن أبا علي رضي الله عنه أخطأ، وقال هذا الكلام لا عن نفسه ولا عن غيره، أما إنه لم يقله عن نفسه فمعلوم، وأما إنه لم يقله عن غيره فلأنه قال عن العرب إنهم اعتقدوا أن في الإنسان معنى كامنا كأنه حقيقته ومحصوله، فصرح بأداة التشبيه وهي كأن، وما قال عنهم إنهم قالوا إن ذلك المعنى هو حقيقة الإنسان، ليقول لهم ذلك المعنى وهو خلقه، وخلقه غير داخل في حده وحقيقته.
وينبغي للناس إذا حكوا شيئا شرعوا في نقضه أن يتأملوا ما حكوا، ثم ينقضوا، وبالجملة فمقام الشيخ أبي علي رضي الله عنه مقام جليل يقتضي أن يحترم ويصان، ولا يستعمل معه التسرع بالتخطئة والرد، وإذا وجد في كلامه ما يستدرك استدرك مع استعمال الأدب.
85- قال المصنف في الالتفات: هو الانتقال من خطاب الحاضر إلى الغائب وبالعكس، وما يجري مجرى ذلك. وقال إن الزمخشري قال إن الرجوع من أحد هذين النوعين إلى الآخر إنما استعمله العرب تقننا في الكلام، وانتقالا من أسلوب إلى أسلوب تطرية لسماع السامع، وإيقاظا للاستماع إليه.