كالقالب لذلك المعنى، وكالقشر لذلك اللب، ومن الجائز أن يكون هذا المعنى الباطن غير القسمين اللذين قد ذكرهما المصنف، وهما مجرد الاستعداد للعلوم والخلق فليناظر في نقيض، خصوصا ومذاهب العقلاء في هذا الموضع كثيرة جدا، وكلها خارجة عن هذين القسمين اللذين قد ظن هذا الرجل أنه لا يمكن تفسير ما توهمه العرب إلا بواحد منهما، ثم يقال له لم لا تفسر قول أبي علي رحمه الله بالوجه الأول وهو قولك إن غير العرب أيضا تعتقد ذلك، فيقال لك إن أبا علي ما قال إنه لا يعتقد ذلك أحد من الأمم إلا العرب خاصة، وإنما كانت صناعته البحث عن مجاري كلام العرب، وقال إنهم لا يعتقدون كذا وكذا؛ لأنه لا ينظر في لغة أمة أخرى غير العرب، وإنما كتبه وتصانيفه مقصورة على البحث عن لغاتهم خاصة، فلا يدل كلامه على نفي هذا الحكم عن غير العرب.
وأيضا فلو فسر قوله بالتفسير الثاني -وإن كنا نعلم أنه رحمه الله لم يرده- لما توجه عليه ما اعترض به؛ لأنه لم يفرد الإنسان خاصة من دون سائر الحيوان بهذا الحكم، وإنما ضربه مثلا؛ لأنه النوع الأعرف.
ومن العجب قوله: ولا أعرف ما أراده أبو علي بقوله: إنهم يتوهمون في الإنسان معنى كامنا هو حقيقته ومحصوله، إلا أن يكون أحد هذين القسمين اللذين أشرت إليهما.
ولا شبهة أن هذا الرجل ما وقف على أقوال العقلاء في هذا الموضع، فإن مذاهبهم كثيرة، وكل منهم يذهب إلى أن حقيقة الإنسان ومحصوله أمر وراء