صالحًا للحياة الاقتصادية، وإزالة أسباب الشكوى من الإدارة (41). وهنا أيضًا نجد النداء موجهًا إلى أولئك الفرنسيين الذين اعتبروا «فرنسا الإفريقية امتدادًا للوطن الأم» (42). ولم يكن هذا أيضًا من قيل الحيطة السياسية، بل كان تعبيرًا عن اقتناع عميق في نفوس أولئك الذين شعروا، بدراستهم في مدارس فرنسية. بوجود عالم جديد.
إلا أن تفكير هذه الفئات أخذ يتجه، حتى قبل حرب 1914، اتجاهًا قوميًا. فهجرة الجزائريين من تلمسان إلى أراضي الإمبراطورية العثمانية في 1911 كانت دلالة على أن بعضهم على الأقل قد فقد الأمل بالعدالة، مما أثار كثيرًا من القلق في فرنسا وأدى إلى إجراء تحقيق رسمي في الأمر (43). وكانت العلاقات، في ذلك الوقت، تزداد سوءًا بين التونسيين الشباب والإدارة الفرنسية، بحيث وقعت اضطرابات عديدة أدت إلى إبعاد علي باش- همبا وسواه من البلاد. فالتجأ باش- همبا إلى إسطنبول حيث انضم في أثناء الحرب إلى لجنة شمالي إفريقية كانت تحاول، مع بعض الحظ في النجاح، تنظيم حركات ثورية ضد الفرنسيين (44). وعندما وضعت الحرب أوزارها، برز الشعور الوطني هنا، كما برز في أماكن أخرى، بروزًا علنيًا. فقامت في الجزائر حركة تزعمها أمير من سلالة عبد القادر، كان قد حمل لواء النضال ضد الاحتلال الفرنسي. لكن هذه الحركة لم تعمر طويلًا. أما في تونس، فقد تجلى الشعور الوطني في إنشاء حزب «الدستور» وفي وضع برنامج له ظهر في كتاب نشر في اللغة الفرنسية بعنوان «تونس الشهيدة»، وانطوى على مطالب عديدة لم تبلغ حد طلب الاستقلال، إلا أنها طالبت أن يكون الباي ووزراؤه مسؤولين أمام مجلس أعلى مؤلف من ستين عضوًا كلهم من المواطنين التونسيين، على أن ينتخب معظمهم باقتراع واسع النطاق، وأن لا يكون بعد الآن للمستوطنين الأوروبيين أي امتيازات، بل أن يعتبروا مواطنين تونسيين بعد إقامة عشر سنوات في البلاد، وأن