في المجتمع الحديث، فقد بقيت غامضة لديهم. نعم، كان لحسن البنا آراء معينة في تنظيم الدولة، كتحظير قيام الأحزاب السياسية، وإصلاح القوانين وإخضاعها لأحكام الشريعة، وإسناد المناصب الإدارية إلى ذوي التربية الدينية. وقد أوضح أيضًا أن على الحكومة الإسلامية أن تفرض رقابة صارمة على التصرفات الخلقية الخاصة وعلى التربية، بحيث تكون المدارس الابتدائية ملحقة بالجوامع، ويكون الدين محور التربية وتكون اللغة العربية أداتها (33). لكن آراءه في تنظيم الحياة الاقتصادية لم تكن بمثل هذه الدقة. فمع أن كتاب هذه المدرسة الفكرية ألحوا على أهمية العدالة الاجتماعية، وعلى أن الإسلام لا يرضى بعدم المساواة في الثروة وبالتقسيم الطبقي، كما ألحوا على المسؤولية الاجتماعية المترتبة على الثروة (34)، إلا أن البرنامج الذي انبثق عن هذه المبادئ لم يختلف عمليًا عن برنامج القوميين الراديكاليين في ذلك الوقت؛ حتى ليصعب القول بدقة في أي من النواحي يختلف التنظيم الاقتصادي للمجتمع الإسلامي كما تصوروه عن التنظيم الاقتصادي المعروف لدى دول العالم الحديث الأخرى. أما من الناحية السياسية، فقد كانت حركة الإخوان المسلمين أقرب إلى الحركة القومية منها إلى الحركة المهدية أو الوهابية. إذ كان هدفها توليد الزخم الشعبي للاستيلاء على الحكم، لا لإعادة حكم الفضيلة الإسلامية.
ومن جهة أخرى، نادت الأحزاب الشيوعية، مع عدم تنكرها للمطالب القومية، بمبدأ آخر على ضوئه يمكن تبرير القومية وبه ينبغي ضبط أعمالها. فأصر ذوو النزعة الشيوعية من الكتاب على القول بأنهم هم القوميون الحقيقيون، وبأن القومية تختل عندما لا تقوم على العدالة الاجتماعية (35). وقد استهوت برامج الأحزاب الشيوعية المشاعر القومية بمقاومتها للاستعمار ومطالبتها بنزع ملكية المرافق العامة من الأيدي الأجنبية بدون تعويض. غير أن هذه الأحزاب استعانت، في نواح أخرى من برامجها، بمبادئ تتعارض مع