شديدة، لأن إتباع مثل هذا المنهج النقدي بصدد النصوص الدينية قد يلقي الشك على أصالتها. أضف إلى ذلك أنه قد يدك أسس جهاز العلوم العربية التقليدي الذي نهض عليها الإيمان. أما الأزمة الثانية، فقد وقعت في 1932، عندما أقالته حكومة صدقي باشا من منصبه كعميد لكلية الآداب في القاهرة لميوله الوفدية. إلا أن هذا التدبير أكسبه كثيرًا من التأييد، فأعادته الحكومة الوفدية اللاحقة، في 1936، إلى منصبه هذا.

طرق طه حسين عددًا من الفنون الكتابية، كالقصة، والرواية، والنقد الأدبي، والدراسة التاريخية الإسلامية، والسيرة الذاتية، والمقالة الاجتماعية والسياسية. وكان أفضل إنتاجه ما صدر خلال العشرين سنة الواقعة بين 1919 و 1939، مع أنه كتب الكثير فيما بعد، وغدا عميدًا للأدب المصري. وقد منح عددًا من شهادات الدكتوراه الشرفية، ودعي للاشتراك في حلقات دراسية دولية عديدة.

إن أهم مؤلف له في التفكير الاجتماعي، وكدنا نقول مؤلفه الأوحد في التفكير النظامي، إنما هو كتابه عن «مستقبل الثقافة في مصر»، الصادر في 1938. إن صدور هذا الكتاب في هذا التاريخ يلقي ضوءًا على مضمونه. ففي 1936، وقعت المعاهدة الإنكليزية المصرية التي أنهت رسميًا الاحتلال. وفي 1937 وقعت اتفاقية مونترو التي ألغت «الامتيازات». فنشأ من جراء ذلك شعور عام بحلول عهد جديد من الحياة الوطنية. لقد استقلت مصر، لكن ما معنى هذا الأمر بالحقيقة؟ وماذا يجب على مصر أن تفعل بهذا الاستقلال؟ لقد تحقق الهدف الذي نشدته الحياة العامة طيلة جيل بكامله، فما هو الهدف الحديد المطل على الأفق؟ وفي هذا يقول طه حسين:

«وقد شعرت، كما شعر غيري من المصريين، بأن مصر تبدأ عهدًا جديدًا من حياتها أن كسبت فيه بعض الحقوق، فإن عليها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015