توحيدها واستقلالها، وموسعًا مفهومه لسوريا بحيث شمل جميع البلدان التي كانت سريانية اللغة، أي سوريا الجغرافية والعراق أيضًا (126).

يدل هذا، أكثر من أي شيء آخر، على صعوبة تكوين مفهوم إقليمي للوطنية في عصر وفي منطقة كانت فكرة القومية العنصرية تسودها. ومع مرور الزمن ونشوء جيل جديد قبل بالحدود المصطنعة على أنها طبيعية، فقدت فكرة سوريا الجغرافية قوتها. لكن العوامل التي أدت إلى إضعاف القومية «السورية» كانت هي نفسها التي قوت القومية «اللبنانية». فبعد الاحتلال الفرنسي، في 1918، أعيد للبنان حكمه الذاتي الذي كان الأتراك قد أزالوه في أثناء الحرب. وفي 1920، أعلن لبنان مستقلًا بحدود موسعة. وفي 1922، اعترف له ضمنًا، في صك الانتداب، بكيان منفصل. وفي 1926، أصبح لبنان جمهورية دستورية برلمانية. وفي لبنان الجديد والأوسع هذا، لم يعد الموارنة هم الأكثرية، كما كانوا في الجبل المتمتع بالحكم الذاتي الذي حصل عليه في 1961، بل أصبحوا فقط أكبر طائفة بين طوائف عدة. لكنهم احتفظوا، بالرغم من ذلك، بسيطرتهم السياسية، أولًا بفضل دعم فرنسا لأولئك الذين كانوا حلفاءها طيلة ثلاثة قرون، ثم بفضل ثقافتهم العليا وتضامنهم الطائفي. لكنه كان هناك معارضة شديدة لسيطرتهم وللبنان الجديد بحد ذاته. فلم يعترف معظم القوميين في سوريا بكيان منفصل للبنان الموسع، كما لم يعترف بهذا الكيان أيضًا معظم المسلمين الذين ألحقوا به عند تعديل الحدود في 1920 وبعض المسيحيين من غير الكاثوليك، وكان عددهم كبيرًا في ذلك الحين. لذلك ترتب على المؤمنين بالكيان اللبناني المستقل أن يبرروا إيمانهم هذا بصورة أجلى، وذلك بسلوك إحدى طريقين: إما التأكيد على أن لبنان، وإن كان عربيًا، فله، على حد تعبير ادمون رباط، «وجه محلي من المدنية العربية يجدر أن يحافظ عليه مؤقتًا على الأقل»، وإما تعريف لبنان بأنه ملجأ المسيحيين وسط محيط من الإسلام والقومية العربية التي لم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015