الخارج، إذ لم يجد في الدولة القائمة ما يستأثر به. ولا شك أن القوميين العرب، في الدول «السورية»، كانوا يستهدفون توحيد هذه الدول في سوريا كبرى، لكن هدفهم هذا أخذ يتسع تدريجًا عندما اتضح لهم أن الاتحاد مع بلدان عربية أخرى قد يكون أسهل من توحيد سوريا، لا بل قد يكون بالحقيقة الخطوة الأولى في هذا السبيل. فكانت النتيجة أن القومية السورية الصرف التي تعرفنا إليها قبل 1914 ضعفت بعد 1918. إلا أنه اعتراها بعض الانتعاش في الثلاثينيات، بفضل قيام حزب كانت القومية السورية من صلب مبادئه، نعني به «الحزب السوري القومي»، الذي أسسه أنطون سعادة في 1932. كان أنطون سعادة مسيحيًا لبنانيًا، نشأ في البرازيل، وربما تشرب هناك ذلك النوع من الوطنية السورية الذي كان شائعًا بين الطبقة اللبنانية المثقفة في أواخر القرن التاسع عشر، والذي حافظت عليه الجاليات اللبنانية المتحجرة في المهجر، بينما كان آخذًا في الزوال في الوطن الأم. كان الحزب، على غرار الفاشستية الشائعة في أوروبا الثلاثينيات، منظمًا تنظيمًا صارمًا وذا تسلسل إداري دقيق يرأسه زعيم واحد مطلق الصلاحية عمليًا. وقد لعب هذا الحزب، بشكل متقطع، دورًا مهمًا في شؤون كل من لبنان وسوريا. وفي 1949، التجأ زعيمه إلى سوريا، على أثر محاولته القيام بثورة في لبنان، فسلمه الدكتاتور السوري، حسني الزعيم، إلى الحكومة اللبنانية، فحاكمته محاكمة سريعة وأعدمته، لكن الحزب انتقم له، فاغتال أحد أعضائه رئيس الوزارة اللبنانية، رياض الصلح، المسؤول عن عملية الإعدام، كما أن الدكتاتور السوري الذي خلف حسني الزعيم مباشرة، وهو أديب الشيشكلي، كان هو نفسه من محبذي الحزب في الماضي. غير أن موجة الشعور العربي المؤيد لمصر، التي تفجرت في سوريا بعد سقوط الشيشكلي، لم تكن مؤاتيه للحزب. لكنه لعب دورًا مهمًا في الحرب الأهلية في لبنان عام 1958 تأييدًا للرئيس شمعون وسياسته الغربية.