اللاتينية كنائسهم (119).

ولما كانت الأمة تحدد بلغتها، فهي لذلك تشمل جميع الناطقين بهذه اللغة. وحدود هذه، هي حدود تلك، لا أكثر ولا أقل. من هنا كانت معارضة الحصري للقوميين المسلمين الذين يدعون أن ولاء العرب السياسي هو للأمة الإسلامية جمعاء، أكانت لغتها العربية أم سواها. ومن هنا أيضًا كانت معارضته للإقليميين الذين يقولون بأمم متميزة داخل العالم الناطق بالضاد. لقد صرف كثيرًا من الوقت محاولًا إقناع المصريين بأنهم جزء من العالم العربي، فراح يكتب في هذا السبيل حتى منذ مطلع الثلاثينيات. وهذا جدير بالاعتبار، إذ أن التيار الرئيسي للقومية المصرية في ذلك الحين كان فرعونيًا أو متوسطيًا، لا عربيًا، ولأن القوميين العرب من أبناء جيله كانوا يميلون، كما رأينا سابقًا، إلى التطلع إلى بغداد لا إلى القاهرة، وإلى الاعتقاد أن الأمة العربية إنما تنتهي عند صحراء سيناء. مع أن الكثيرين من الجيل الأفتى كانوا يحلمون عاطفيًا بوحدة أوسع. فهو يقول، حتى في وقت باكر كعام 1936: «لقد زودت الطبيعة مصر بكل الصفات والمزايا التي تحتم عليها أن تقوم بواجب الزعامة والقيادة في إنهاض القومية العربية. لأنها تقع في مركز البلاد العربية، بين القسمين الإفريقي والأسيوي منها، كما أنها تكون أكبر كتلة من الكتل التي انقسم إليها العالم العربي بحكم السياسة والظروف. وهذه الكتلة قد أخذت حظًا أوفر من الحضارة العالمية الحديثة، وقد أصبحت أهم مركز من مراكز الثقافة في البلاد العربية. وهي أغنى هذه البلاد بأجمعها. كما أنها أقدمها في تشكيلات الدولة العصرية وأقواها في الآداب وأرقاها في الفصاحة» (120).

وقد دخل فيما بعد في مجادلات عديدة مع الكتاب المصريين الذين كانوا يدافعون في ذلك الحين عن قومية مصرية صرف، بمن فيهم لطفي السيد (121)، وطه حسين (122)، مدعومًا بالاقتناع بأن التاريخ يؤيده. فهو يقول: «إنني لست متخوفًا أو متشائمًا من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015