في سوريا، وذلك بوصفه رئيسًا «للمؤتمر السوري» الذي عرض عرش سوريا على فيصل في 1920، وعضوًا في «المؤتمر السوري الفلسطيني» المنعقد في جنيف في 1921، وعضوًا في اللجنة التنفيذية التي أنشأها هذا المؤتمر في القاهرة، والتي أيدت قضية الاستقلال السوري والفلسطيني، وبقيت على اتصال وثيق بزعماء البلاد، وأجرت أحيانًا مفاوضات مع السلطات الفرنسية. وقد حملته آراؤه القومية، في هذه المرحلة الجديدة، على معارضة الدول الأوروبية معارضة أشد. فهو قد كان دائمًا يرى في فرنسا نصيرًا للإرساليات المسيحية ومستعمرًا هدم مؤسسات شمالي أفريقيا الدينية ونظامها الاجتماعي. لكنه غدا الآن يرى في إنكلترا أيضًا عدوًا للإسلام. ذلك أنها أخذت على عاتقها، على حد قوله، تهديم دين الإسلام في الشرق بعد أن هدمت سلطانه الدنيوي (95). وقد اعترف مرة لشكيب أرسلان بأنه، بالرغم من تحقير الأتراك للعرب، فإنه يفضل حكمهم على حكم الأوروبيين (96). (مع أنه غير رأيه في هذا الصدد بعد سنوات قليلة استنكارًا لإلحاد الأتراك) (97). ومما يشير إلى تحويل موقفه من الدول الأوروبية، مقال كتبه عن البولشفية عند نهاية الحرب (98)، جاء فيه أن البولشفية ليست سوى اسم آخر للاشتراكية، وأن الاشتراكية تحرر العمال من الرأسماليين والحكومات الجائرة. فعلى المسلمين أن يتمنوا فوزها، لأنهم هم أيضًا عمال ويعانون الجور نفسه، ولأن في فوز الاشتراكية نهاية استعباد الشعوب. نعم، إن الشيوعية مخالفة للشريعة الإسلامية، لكن أعمال الحكومات الأوروبية مخالفة لها أيضًا.

كانت هذه المقاومة المتزايدة التي أعلنها رشيد رضا في وجه الدول الأوروبية سببًا في خصومته للأسرة الهاشمية التي اعتبرها كارثة «نكداء» حلت بالإسلام في هذا العصر (99). فالملك حسين وأبناؤه، باعتمادهم على إنكلترا، افسحوا مجال سيطرتها على البلدان العربية والإسلامية، لا بل على الديار المقدسة نفسها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015