السلطان المركزية كانت تمنحها للصهيونيين (92).

وفي أثناء الحرب العالمية الأولى، خطت آراؤه في الموضوع خطوة أخرى إلى الأمام، فمثل أمامه، للمرة الأولى، إمكان الاستقلال التام. وها هي صفحات «المنار» تشهد على الصراع الداخلي الذي أثاره ذلك في نفسه. فهو يقول تكرارًا إن العرب كانوا دومًا مخلصين للسلطنة عن ولاء للإسلام، لكن سياسة التتريك قد غيرت كل شيء، فأصبحت اللغة العربية بخطر، وأصبح من واجب العرب الديني أن ينقذوها، حتى لو عنى ذلك قيامهم بما يضعف دولة إسلامية ويعرضها لخطر النفوذ الأوروبي. لكنه، بالرغم من اعتقاده أن الإسلام هو المبرر للاستقلال العربي وأنه يجب أن يكون شريعة العرب الخلقية، فهو يلح، وهذا من مزايا تفكيره، على عضوية العرب غير المسلمين التامة في المجتمع القومي، ويضيف أنه إذا وجدت منطقة عربية تقطنها أكثرية غير مسلمة (ولا شك أنه كان يفكر هنا بجبل لبنان)، فلها أن تستقل مع الحفاظ على صلة بالمملكة العربية (93).

كان رشيد رضا ينتمي إلى ذلك الجناح من الحركة القومية المستعد للتعاون مع بريطانيا لتحقيق الاستقلال. وقد لعب دورًا في المفاوضات التي جرت إبان الحرب، حين أعطت بريطانيا بعض التعهدات لسبعة من السوريين في القاهرة، كان رشيد رضا واحدًا منهم. إلا أنه اختلف، حول هذا الأمر، مع صديقه شكيب أرسلان الذي كان يخشى، بالرغم من استنكاره لسياسة تركيا الفتاة، مخاطر تفكيك الوحدة التي تربط الأتراك والعرب. ولذلك آثر العمل على تغيير السياسة التركية. ويبدو أن رشيد رضا نفسه قد ساورته شكوك أخذت تتزايد بتزايد سني الحرب، بحيث أثار، كما يقال، استياء الإنكليز منه قبل أن تضع الحرب أوزارها (94). ثم جاءت أحداث ما بعد الحرب تزيد في هذه الشكوك، فاشترك اشتراكًا فعليًا في حركة المقاومة القومية الجديدة للحكم الفرنسي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015