إلى أبعد من ذلك، فيقولان بأن نهضة الأمة الإسلامية رهن بنهضة العرب. فالفكر الإسلامي لا يزدهر إلا إذا ازدهر اللسان العربي، إذ أنه اللغة الوحيدة التي يمكن فيها دراسة الإسلام دراسة حقيقية وتفسيره تفسيرًا صحيحًا. لذلك كان واجب كل مسلم أن يتعلم اللغة العربية إذا استطاع إلى ذلك سبيلًا (80). وفضلًا عن ذلك، لا يمكن أن تقوم وحدة عميقة في أمة ما، إن لم تكن موحدة اللغة. واللغة لا يمكن أن تكون في الأمة الإسلامية إلا اللغة العربية. وما من أحد غير عربي استطاع خدمة الإسلام إلا بمعرفته هذه اللغة التي هي خير المسلمين المشترك. وفي هذا يقول رشيد رضا: «وقد كان من إصلاح الإسلام الديني والاجتماعي توحيد اللغة بجعل لغة هذا الدين العام لغة لجميع الأجناس التي تهتدي به. فهو قد حفظ بها وهي قد حفظت به. فلولاه لتغيرت كما تغير غيرها من اللغات، وكما كان يعروها التغيير من قبله. ولولاها لتباعدت الأفهام في فهمه، ولصار أديانًا يكفر أهلها بعضهم بعضًا، ولا يجدون أصلًا جامعًا يتحاكمون إليه إذا رجعوا إلى الحق وتركوا الهوى. فاللغة العربية ليست خاصة بجيل العرب سلائل يعرب بن قحطان، بل هي لغة المسلمين كافة» (81).

وليس العرب حراس لغة الإسلام فحسب، بل هم حراس الأماكن المقدسة أيضًا. لقد عملوا الكثير من أجل الإسلام، وهم مؤهلون للقيام بأكثر من ذلك فيما بعد، لأنهم لا يزالون، في شبه الجزيرة على الأقل، مخلصين لدينهم وغير متأثرين فيهم بمفاسد الغرب. إن أولئك المسلمين الذين يخفضون من شأن العرب إنما يضعفون الإسلام فعلًا. وهنا نسمع صدى للمنازعات «الشعوبية»، وهو بالواقع صدى واعٍ. وقد أطلق كرد على هذا التعبير على أولئك الذين يطعنون بالدين. فكتابه في «الإسلام والمدنية العربية» إنما هو دفاع عن المساهمة العربية في المدنية الإسلامية والأوروبية على السواء ضد مهاجميها، أكانوا من القوميين المسلمين (كالقوميين الفرعونيين)،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015