وتسلم المناصب المهمة فيه أعضاء الجمعيات السرية وضباط من الجيش العربي. لكن لم يكن هناك من قوة ذاتية تدعم هذا الحكم أو الحركة القومية، مما جعلهما يعتمدان دبلوماسيًا وعسكريًا على القوة البريطانية. لذلك وقعتا في مأزق لا مفر منه، وهو المأزق الذي يقع فيه كل ضعيف معتمد على دولة عظمى لتحقيق مآربه، إذ يكون بحاجة إلى قوة تلك الدولة، وهو لا يستطيع أن يحملها على تفضيل مصالحه على مصالحها. فبريطانيا كانت قد التزمت بارتباطات أخرى، تبين في نهاية الأمر أنها تتعارض مع ارتباطاتها مع القوميين العرب. كان هؤلاء مستعدين، إذا اقتضى الأمر، أن يقبلوا بتمسكها لاعتبارات استراتيجية بجنوب العراق وبالساحل الفلسطيني. لكنها كانت قد ذهبت أبعد من ذلك، فالتزمت بتأييد إنشاء وطن قومي يهودي في فلسطين، الأمر الذي كان من شأنه، ولو حاولت إنكاره، أن يؤدي في آخر الأمر - كان بعض السياسيين البريطانيين يعرفون ذلك- إلى إنشاء دولة يهودية لا يكون فيها خيار لسكان فلسطين العرب سوى أن يكونوا أقلية أو أن يهجروا ديارهم. كذلك كانت قد التزمت، في الشمال، بتأييد فرنسا في فرض سلطتها الواقعية على أي دولة عربية أقيمت في سوريا. وكان من الواضح أن فرنسا لن تقبل بقيام دولة مستقلة تمام الاستقلال في سوريا أو بدولة سورية مرتبطة بالحجاز، وذلك مراعاة منها لحلفائها اللبنانيين من جهة، ولأنها كانت من جهة أخرى، ترى وراء الشريف، كما كان اللبنانيون يرون، ظل بريطانيا، خصمها التقليدي في الشرق. وكان مما لا شك فيه أن بريطانيا ستفضل، عند الاقتضاء، حاجتها إلى الاحتفاظ بعلاقات طيبة مع فرنسا على رغبتها في إنشاء دولة عربية في سوريا. زد على ذلك أن الصهيونيين كانوا أقدر من العرب في الضغط على لندن. وقد حاول الأمير فيصل، طيلة سنتين، وبكثير من المهارة، أن يحافظ على دعم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015