الخازن العريقة، في 1910، دفاعًا عن «الاستقلال التشريعي والقضائي الدائم للبنان». ونشأت في لبنان وفي أمكنة أخرى يقطنها لبنانيون، كالقاهرة ونيويورك وباريس، لجان للسهر على مصالح السنجق المستقل. كانت هذه اللجان تختلف بعضها عن بعض فيما تلح عليه، وخصوصًا في شخصيات أعضائها؛ لكنها كانت كلها على العموم تتوخى أهدافًا واحدة: الإبقاء على الحكم الذاتي القائم، وتقويته إذا أمكن، وتوسيع حدود لبنان لجعله قابلًا للحياة اقتصاديًا، والاعتماد على الأمم الغربية وفي مقدمتها فرنسا لتحقيق كل هذه الأهداف. كذلك كان لفكرة «سوريا» أنصار أقوياء، خصوصًا في باريس، حيث قام بتوضيحها، بتشجيع وتأييد من الكاي دورساي، أديبان مسيحيان لبنانيان، هما شكري غانم وجورج سمنه، اللذان كانا يؤمنان بأن الأمة السورية، بالرغم من وحدتها الطبيعية التي منحتها إياها الجغرافيا وقواها التاريخ، لم تتمتع قط بعد بوحدة اجتماعية وسياسية، وذلك لسببين: الأول، لأن شعبها مختلف الأصول والعادات، وخصوصًا المعتقدات؛ وثانيًا، لأنها لم تتمتع يومًا من الأيام بحكم وطني، أي «بسلطة نالت رضى الشعب وعملت في سبيله» (60). لذلك كانا يعتقدان أن من الضروري أن تحوز سوريا على حكم كهذا، يقوم على مبادئ الديموقراطية والعلمانية واللامركزية، وأن يكون دستورها دستور دولة اتحادية مؤلفة من أقضية متمتعة بحكم ذاتي واسع، تحدد بقعة كل منها حسب العنصر القومي أو الديني الغالب فيها، بحيث يكون لكل جماعة كبيرة منطقة تكون هي الأكثرية فيها، ويكون أساسها الروحي شعور قومي واحد يسمح لجميع الفئات الدينية أو العنصرية بأن تتعاون تعاونًا تامًا ومتساويًا. وكانا يعتقدان أيضًا أن هذه الوحدة كانت في طريق التكون بتأثير التربية والمدنية الحديثتين، وأن القومية السورية المشتركة قد أخذت تبرز إلى الوجود، قائمة على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015