محمود شوكت باشا، المتحدر من أصل شركسي. وقد قتل هذا الضابط في 1913 عندما كانت سياسة التتريك لا تزال في بدئها. لكن هذه السياسة دفعت الزعماء السياسيين، مع مرور الزمن، إلى صفوف المعارضة. أضف إلى ذلك اشتداد النزعة إلى العروبة في هذه الصفوف. وهكذا نشأت أولى الأحزاب العربية الفعالة المنظمة العلنية منها والسرية. ولن نحاول هنا سرد تاريخها بالتفصيل، بل نكتفي بالتمييز بين نوعين منها، يرسم لنا تاريخهما ومناهجهما تطور الفكرة القومية.

كان السياسيون والمصلحون المسلمون والأعيان والنواب المحليون وأصحاب المكانة يميلون إلى التعبير عن معارضتهم ضمن النظام الدستوري وبالاتفاق مع دعاة اللامركزية الليبراليين العثمانيين الذين كان الأمير صباح الدين زعيمهم الأبرز. ففي 1912 قام عدد من العرب القاطنين في القاهرة، ومعظمهم من السوريين، بتأسيس حزب للتعبير عن آرائهم، هو «حزب اللامركزية الإدارية العثماني»، الذي كان على صلة بالليبراليين الأتراك، وعلى رأسهم عزت باشا، كاتم أسرار عبد الحميد سابقًا والمنفي منذ 1908 (52). وكان لهذا الحزب شبكة من «لجان الإصلاح» في المدن العربية العثمانية وخاصة في بيروت. وكان هدفه الظاهر، كما يتضح من اسمه، إداريًا أكثر منه سياسيًا. فكان يطالب بأن تصبح اللغة العربية لغة رسمية في الولايات العربية، وأن تسند معظم الوظائف إلى المحليين من العرب، وأن تستشار السلطات المحلية عند تعيين الموظفين، وأن تمارس الخدمة العسكرية محليًا في زمن السلم، وأن تخصص بعض الواردات المحلية لسد الحاجات المحلية، وأن توسع صلاحيات مجالس الولايات، وأن يستعان بمستشارين أجانب لإعادة تنظيم قوى الشرطة والجندرمة ودوائر العدل والمال (53). وكان يتوخى تحقيق هذه الغايات بالوسائل العلنية والشرعية. أما هل كان لهذا الحزب، كما ادعى الأتراك فيما بعد، إلى جانب هذه الأهداف، أهداف سرية أخرى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015