نجد في كتاب العازوري المنشور باللغة الفرنسية في 1905، بعنوان «يقظة الأمة العربية»، تعبيرًا كاملًا عن آرائه. فهو يقول بأن هناك أمة عربية واحدة تضم مسيحيين ومسلمين على السواء، وبأن المشاكل الدينية التي تنشأ بين أبناء أديان مختلفة إنما هي بالحقيقة مشاكل سياسية تثيرها اصطناعيًا قوى خارجية لمصلحتها الخاصة (35)، وبأن المسيحيين لا يقلون عروبة عن المسلمين، وبأن من الضروري أن تقوم كنيسة مسيحية عربية صرف، أي كنيسة كاثوليكية عربية، تحل محل الطوائف المتعددة الحالية التي تمارس العبادة والتفكير باللغة العربية (36). وهو يدافع عن المسيحيين الأرثوذكس الناطقين بالضاد ضد الزعامة الإكليريكية اليونانية (37). وهو يرى أن حدود الأمة العربية تشمل جميع البلدان الناطقة بالضاد في آسيا، دون بلدان مصر وشمالي أفريقيا التي كانت واقعة خارج نطاق اهتمامه كقومي عربي. فمصر لم تكن في نظره عربية بكل معنى الكلمة (38)، كما أن الوطنية المصرية التي نادى بها مصطفى كمال كانت «وطنية كاذبة»، موالية للحركة الإسلامية والحركة العثمانية (39). وقال إن المصريين غير جديرين بعد بأن يحكموا أنفسهم بأنفسهم، فعليهم أن يكونوا شاكرين على تمتعهم بإدارة بريطانية صالحة (40). على أنه تدخل، في أعوامه الأخيرة، في السياسة المصرية، لا «كمواطن مصري»، بل كسكرتير أجنبي لحزب «مصر الفتاة»، الذي دعا إلى حكم تمثيلي تدريجي بالتعاون مع السلطة المحتلة (41).

وكان من رأي العازوري أيضًا أن على الأمة العربية أن تستقل عن الأتراك. وقد برزت النغمة المعادية للأتراك في كتاباته بشكل أوضح من بروزها في كتابات من سبقه. فالأتراك في نظره هم الذين سببوا خراب العرب، ولولاهم لكان العرب في عداد أكثر الأمم تمدنًا في العالم. فالعرب يتفوقون على الأتراك في كل شيء، حتى في الجندية، إذ إن انتصارات الأتراك ما تمت إلا بفضل المحاربين العرب (42). ولم يكن يتوقع أن تصطلح الإمبراطورية أو أن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015