شهيرة، ناشد إبراهيم اليازجي، ابن ناصيف، العرب أن يتذكروا عظمتهم الماضية وأن يستيقظوا. كما أن الجمعية السرية التي كان هو أحد أعضائها أشادت في بياناتها، خلال عام 1875، «بالعزة العربية» والتي تحرك مشاعر أهل سوريا، ورفضت دعوى السلطان بالخلافة، معتبرة ذلك اغتصابًا لحق عربي. ولعل جرجي زيدان كان أكثر الذين عملوا على إحياء وعي العرب لماضيهم، سواء بتواريخه أو بسلسلة رواياته التاريخية التي نهج فيها نهج الكاتب الإنكليزي ولتر سكوت ورسم، على غراره أيضًا، لوحة رومنطيقية عن الماضي. ومع ذلك، فقد تردد معظم الكتاب المسيحيين في دفع هذا التفكير إلى نتائجه السياسية، وفي التحدث عن «أمة عربية»، إذ أنهم تخوفوا من أن تتكشف القومية العربية عن شكل جديد من أشكال التسلط الإسلامي. ولم يكن بإمكانهم إزالة هذا التخوف إلا بإحدى طريقتين. الأولى أن يجاروا الأكثرية، شأن الأقليات أحيانًا، ولو أثار ذلك بعض الالتباس (34)؛ والثانية أن يصبوا في قالب مفهومهم للعروبة محتوى مفهومهم للبنان أو لسوريا، فيحلموا بأمة عربية تكون منفصلة عن أساسها الديني، وتضم، بدون أي وجه من وجوه التفريق، المسلمين والمسيحيين جميعًا، وتتمتع بحماية رؤوفة من قبل أوروبا الليبرالية.
هذه الطريقة الثانية هي التي اختارها نجيب العازوري، الكاثوليكي السوري، والمربي تربية فرنسية كمعظم رفاقه. كان لفترة من الزمن موظفًا عثمانيًا في القدس. ثم تخلى عن منصبه هذا لأسباب غامضة، وذهب إلى باريس، ثم إلى القاهرة، حيث أقام حتى وفاته في 1916. وقد أسس في 1904 «عصبة الوطن العربي» التي يذكر اسمها بوضوح باسم «عصبة الوطن الفرنسي» المعادية لدريفوس. فاقتصر نشاطها، هذا إذا كانت قد وجدت بالفعل، على إصدار النشرات. ثم أصدر، في 1907 في باريس، مجلة لم تعمر إلا قليلًا باسم «الاستقلال العربي».