كانوا يأملون بأن يجعلوا من شريف مكة، في حالة وقوع السلطنة العثمانية الضعيفة تحت نفوذ دول غير صديقة، حليفًا لهم. ويبدو أيضًا أن بعض أعضاء البيت الحاكم في مصر قد منوا النفس، منذ وقت يصعب تحديده، بتنصيب شريف مكة خليفة يكون من الناحية الزمنية تحت حماية سلطان مصري. وفي ذلك يقول بلنط، مثلًا، إن الآراء في الخلافة التي شرحها في «مستقبل الإسلام» قد سمعها أولًا من رجلين: الأول سفير العجم، ملكوم خان (وهو مسيحي أصلًا)، والثاني صحفي مسيحي هو لويس صابونجي الذي أسس جريدة عربية اسمها «النحلة» في لندن عام 1877 وأصدرها لعدة سنوات. ويبدو أن الصابونجي، مع كونه كاهنًا كاثوليكيًا، كان يعطف في ذلك الوقت على الإسلام أشد من عطفه على دينه؛ فقد دعا في جريدته إلى الإصلاح الديني بلهجة العربي القومي (17)، وهاجم عبد الحميد واصفًا إياه «بمغتصب لقب الخليفة» (18). ويقول بلنط إن «سرًا كان يحوم حول تمويل هذه الجريدة الصغيرة ... وقد تجمعت لدي أدلة تحملني على الاعتقاد أن الأموال التي كانت تغذيها ... كانت تأتي جزئيًا على الأقل من الخديوي إسماعيل» (19). إن ما يرجح صحة هذا القول هو أن إسماعيل كان يتظلم من عبد الحميد الذي أقاله بضغط من الدول؛ وأن جريدة عربية أخرى صدرت في 1879 برسالة مماثلة في نابولي وبعنوان «الخلافة»، كان رئيس تحريرها أديب مصري في خدمة إسماعيل، وغايتها مهاجمة دعوى السلطان العثماني للخلافة والدفاع عن دعوى الخديوي بها؛ كما أن إنكليزيًا غريب الأطوار، اسمه مارمديوك بكتهول، قد روى أنه لاحظ، إذ كان يجوب فلسطين من أقصاها إلى أقصاها في التسعينيات، أن مبعوثين من قبل الخديوي عباس حلمي كانوا يبشرون سرًا بعقيدة الخلافة العربية. إن فكرة إمبراطورية عربية يكون الخديوي رئيسها الزمني والشريف رئيسها الروحي كانت لا تزال تستهوي المتقدمين في العمر الذين كانوا لا يزالون يتذكرون