عن أنه لم يكن عضوًا في الحكومة. فجرت في بادئ الأمر محاولة لإضفاء نوع من الشرعية على الوفد، وذلك بربطه بالهيئة التمثيلية الوحيدة التي قد يجوز القول بأنها كانت موجودة في ذلك الحين، أي الجمعية التشريعية، التي كانت قد انتخبت في 1913 لكنها توقفت عن الانعقاد منذ وقوع الحرب، والتي كان بعض أعضائها (بمن فيهم سعد) أعضاء في الوفد. ثم ظهرت تدريجًا نظرية أخرى تقول بأن سعد لم يكن مجرد زعيم سياسي كغيره، وبأن الوفد لم يكن حزبًا سياسيًا بالمعنى المألوف، وإنما كان ممثلًا للشعب المصري على نحو خاص، مما يلقي على عاتقه بعض الالتزامات ويحرره بالوقت نفسه من بعضها؛ وبأن وفدًا كهذا يعود له وحده القرار النهائي في ما يجب أن يقوم به.

وقد نص الدستور الأول للوفد، الموضوع في 1918، على أن «الوفد يستمد سلطته من إرادة الشعب المصري المعبر عنها إما مباشرة وإما بواسطة ممثليه في الهيئات التمثيلية» (54). وفي مرحلة سابقة، جرت محاولة للحصول على توكيل من المصريين في سائر أنحاء البلاد يخول الوفد العمل من أجل استقلال مصر بجميع الوسائل الممكنة. وقد وقع بالفعل هذه الوثيقة أبناء الطبقات المثقفة، لا بل أعضاء المجالس المحلية، ومخاتير القرى وأعيان الريف، بتشجيع من الحكومة المصرية في ذلك الحين (55). وعلى هذا الأساس ادعى سعد زغلول بأنه يتكلم باسم مصر في وجه بريطانيا. وقد صرح، في رده على فنفات في 1918، بأنه هو ورفاقه إنما هم الممثلون الطبيعيون المكلفون من قبل الأمة المصرية نفسها (56). وبعد ثلاث سنوات، ذهب سعد أبعد من ذلك، فاستخرج من هذا الادعاء مستلزماته المنطقية. ففي كانون الأول 1921، وفي فترة الاضطرابات التي نشبت على أثر إخفاق المفاوضات بين عدلي وكرزون، حذر مستشار وزارة الداخلية آنذاك سعد زغلول من تعاطي النشاط السياسي. فأجابه بأنه لا يستطيع الكف عن هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015