وأن الحاجة إلى الإصلاح هي على أشدها في حقلي التربية والقانون. وأنه من الضروري إقامة نظام تشريعي مستمد من مبادئ الفقه الإسلامي، على أن يلبي، بالوقت نفسه، حاجات العصر. ومن شأن هذا النظام أن يسيطر على المجتمع كي لا يقع في الفوضى وعلى الحكم كي لا ينقلب إلى استبداد.
هذه المجموعة من المعتقدات تفسر نشاطه قبل 1914. فقد كان معروفًا، في ممارسته القضاء، بحرصه على إقامة العدل. لكنه كان، في حالات الشك، يميل إلى التسامح، إذ كان يرى أنه من الأفضل تبرئة المجرم من تجريم البريء (46). وكان أيضًا، في بعض الحالات، يخالف القواعد الإجرائية لتصحيح خطأ في الحكم. وكان يشجب التجاء البوليس إلى وسائل التهديد والضغط، لأن ذلك كان في نظره أشد خطرًا على الناس من اختفاء المجرم أو تهربه من العقاب. كما كان من شأنه أن يلحق الضرر بالقضاء، فيجعل منه حليفًا للاستبداد لا نصيرًا للعدل (47). فالعدل، في اعتقاده، يجب أن يسود، لكن من الواجب تحديد العدل على ضوء المصلحة العامة، وتحديد المصلحة العامة على ضوء مجموع المصالح الخاصة. لقد أعلن، في أثناء حكم أصدره ضد سلطات الري في الإسكندرية لتعديها على أملاك خاصة، أنه من غير الممكن أن يكون القصد من هذا القانون إجازة التدابير الجورية المخالفة للعدل والقانون والملحقة للضرر بحقوق الأفراد والخالية من النفع العام (48). وهكذا يمكن اعتبار عمله في القضاء كمحاولة لجعل مبادئ محمد عبده الرامية إلى إصلاح الشرع أساسًا للمحاكم العلمانية أيضًا. أما الشرع بحد ذاته، فقد حول إليه بعض الاهتمام بوصفه وزيرًا للعدل، فأسس مدرسة لقضاة الشرع يتلقون فيها التربية الحديثة.
إن حرصه هذا على إصلاح جهاز المجتمع يتجلى في البيان الانتخابي الذي ألقاه يوم ولج باب الحياة السياسية كمرشح في انتخابات 1913. ومما جاء فيه أنه سيسعى، إذا قدر له الفوز