أيد مصطفى كامل ورفاقه تركيا في الشؤون الدولية. كالحرب اليونانية التركية في 1897، وحادث العقبة في 1906 (28)، فمنحه السلطان لقب باشا في 1904. غير أن هذا لا يعني أن مصطفى كامل ورفاقه أرادوا أن تقع مصر مجددًا تحت الحكم العثماني. فقد صاح مرة في فقرة تنم عن خصائص عقله الخطابية وعن ازدواجية موقفه من الإمبراطورية قائلًا: إنه من غير المعقول أن يريد المصريون، بعد مئات السنين من المدنية، أن يصبحوا عبيدًا من جديد، وأضاف: «رمانا الطاعنون أيضًا بأننا نريد أن نخرج الإنكليز من مصر لنعطيها لتركيا كولاية عادية، أي إننا نريد تغيير الحاكمين، لا طلب الاستقلال والحكم الذاتي. وما هذه التهمة إلا تصريح بأن علوم الغرب وآدابه التي نقلت إلى مصر من مدة قرن من الزمان ما زادتنا إلا تمسكًا بالعبودية والمذلة، وإن معرفتنا لحقوق الأمم وواجباتها لم ترشحنا إلا أن نكون عبيدًا أرقاء. فهذه التهمة هي مسبة للمدنية والمتمدنين وقضاء على الأمة المصرية بأنها لا ترقى أبدًا ولا تبلغ مبلغ غيرها من الشعوب» (29).

كان السلطان في نظره خليفة أيضًا، وبهذا الوصف استقطب ولاء جميع المسلمين. وكان التضامن الإسلامي أمرًا حقيقيًا، وإن لم يكن يعني، في نظره، إقامة دولة واحدة أو تعبيًرا عن بغض أعمى لجميع من كانوا غير مسلمين. غير أنه رأى أن هناك في ما وراء العالم الإسلامي شيئًا آخر: عالم الشرق بكامله الذي توحده مقاومة التوسع الأوروبي المشتركة والحاجة لقبول المدنية الأوروبية. وقد رأى في انتصار اليابان على روسيا في 1905 الدلالة الأولى على إمكانية ذلك، وفي نهضتها التي هزت شعور الوطنيين الشرقيين في كل مكان برهانًا على أن الشرق لم يمت. وكان هو يشارك في هذا الشعور القوي، فكتب كتابًا عن اليابان الجديدة بعنوان «الشمس المشرقة».

غير أنه لم يكن يعتقد أن بإمكان مصر أن تستقل بالاعتماد فقط

طور بواسطة نورين ميديا © 2015