المدارس التي أنشأها إسماعيل ثم نمت، وأن في حدود ضيقة، تحت الحكم البريطاني. وكانت عائلة والده وعائلة والدته تنتميان إلى الطبقة المثقفة الجديدة التي أوجدها محمد علي. ولم يتلق مصطفى كامل التربية التقليدية في الأزهر، بل تربى تربية حديثة، إذ دخل كلية الحقوق في 1891، ثم كلية الحقوق الفرنسية التي أنشئت بعد عام في القاهرة، إلى أن تخرج في 1894 من جامعة تولوز. وكان، في هذه الأثناء، قد برز اسمه كزعيم لفريق من الشبان أخذ يعرف إجمالًا بالحزب الوطني. وكان قد قاد هجومًا على مكاتب «المقطم» التي كانت أهم صحيفة في ذلك العهد، والتي أسسها مسيحيان من لبنان، والتي كانت تدعم، على وجه العموم، سياسة كرومر. وكان أيضًا قد قام بزيارتين إلى فرنسا وألقى هناك محاضرات وأدلى بتصريحات عن مطامح بلاده، كما أخذ يقيم علاقات حميمة مع سياسيين وطنيين فرنسيين ممن كانت وطنيتهم في ذلك الوقت لا تقل مناهضة للبريطانيين عن وطنيته.
وقد تكونت أفكاره الرئيسية في هذه الفترة أيضًا، مع العلم بأنه طرأ عليها، فيما بعد ومع تغير الظروف، شيء من التعديل من حيث التشديد على بعض الآراء. لقد دعا إلى وضع حد للاحتلال البريطاني، ورأى إمكان تحقيق ذلك بمساعدة دولة ثالثة، هي إما فرنسا، الخصم التقليدي لإنكلترا في الشرق الأدنى، أو السلطان العثماني. واعتقد أيضًا أن مصر أمة واحدة، لكنها جزء من عالم أكبر لا بل من عدة عوالم: العثماني والمسلم والشرقي، كما اعتقد أن عليها أن توطد علاقاتها مع كل من هذه العوالم الثلاثة. وقد نشر هذه الأفكار خطابة وكتابة، فكان خطيبًا مفوهًا وصحافيًا ناجحًا. ويعزى إليه الفضل في إنشاء ثاني صحيفة مصرية في 1900، هي «اللواء»، بعد أن كان علي يوسف قد أنشأ «المؤيد» في 1889، حين كانت معظم الصحف بأيدي اللبنانيين. وقد أصدر أيضًا صحيفته «اللواء» في طبعتين إنكليزية وفرنسية. وهكذا أكسبته