للمركز الممتاز الذي يحتله هذا البلد بين الشعوب الإسلامية» (61). فأكد هذا المجمع، من جديد، النظرة التقليدية في الخلافة: فقال بشرعيتها، بل بوجوبها، لأن عددًا من الفرائض الشرعية تتوقف عليها. ولكي تكون أصيلة، ينبغي أن تتمتع بالسلطة الروحية والزمنية معًا. فإذا انعدمت هاتان السلطتان لم يكن للخلافة وجود بالفعل، كما هو واقع الحال في الوقت الحاضر. لذلك كان كل ما يمكن القيام به الآن هو عقد اجتماعات متتابعة للنظر في الأمر، حتى يحين الوقت المناسب. وقد أضاف أحد المندوبين إلى ذلك أمله في أن يكون من الممكن، عندما يحين الوقت، أن ينتخب الخليفة من قبل «هيئة تمثيلية إسلامية» (62).

وقد وضع عبد الرازق كتابه هذا إسهامًا منه في هذا البحث، مثيرًا بصورة حية أخطر سؤال انطوى عليه وهو: هل الخلافة ضرورية حقًا؟ إلا أن وراء هذا السؤال، كان سؤال آخر أعم، لا بل أخطر منه، وهو: هل هناك نظام إسلامي للحكم؟

يسوق المؤلف النظريتين اللتين وضعتا لمعالجة أساس سلطة الخليفة فيقول: النظرية الأولى والأوسع انتشارًا تؤكد أن سلطة الخليفة مستمدة من سلطة الله. أما الثانية، فتؤكد أنها مستمدة من إرادة الأمة. وكلا النظريتين تستندان إلى مبدأ مشترك، هو أن الاعتراف بسلطة الخليفة أمر واجب، سواء كانت هذه السلطة مستمدة من المبادئ العقلية أو من نصوص الشريعة. وتأييدًا لهذا المبدأ يستشهد أصحابه بمبدأ إجماع الصحابة والتابعين وبعدم إمكان الاستغناء عن الخليفة لإقامة الشعائر الدينية وصلاح الرعية. لكن عبد الرازق يشير إلى إمكان دحض هذه البراهين ببراهين أقوى منها. فالقرآن لم ينص على الخلافة، باستثناء أقوال عامة غامضة تأمر باحترام أولي الأمر، والحديث لم ينص عليها أيضًا، باستثناء أقوال لا تقل غموضًا عن الأولى في طاعة الإمام، بدون تحديد لمهمة الإمام أو تأكيد على وجوبه. ولو فرضنا أن الحديث إنما يشير إلى الخليفة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015