أصدرت الجمعية الوطنية التركية الكبرى بيانًا شبه رسمي لتبرير قرارها هذا، وضعه فريق من الفقهاء، ونشر بالعربية، كما نشر بالتركية بعنوان «الخلافة وسلطة الأمة». يعترف البيان بشرعية الخلافة، لكنه يقول بأنها لا تقوم إلا إذا توافرت شروط معينة. فالخليفة يجب أن يكون متصفًا بأوصاف معينة، وأن يختار وينصب من قبل الشعب، إذ أن السيادة للأمة الإسلامية بكاملها. لكن هذه الشروط لم تتوافر إلا في الخلفاء الأربعة الأول. لذلك كان كل من عداهم من الخلفاء خلفاء بالاسم فقط. لكن هذا لا يعني أن الأمة الإسلامية بقيت بدون سلطة شرعية. فعندما لا يكون لها خليفة، تستطيع أن تختار بنفسها نوعًا آخر من الحكم وتتخذ ما تراه مناسبًا من الترتيبات لتأمين حكم عادل وشرعي فيها. إلا أن نوع الحكم الذي تختاره يتوقف على حاجات العصر. ولا شاء أن «جمعية وطنية» يكون واجبها المقدس تأمين خير البلاد، الأفضل في العصر الحديث من سلطان لا هم له إلا الاحتفاظ بعرشه (59). وقد كان منطق هذا البيان من شأنه أن يبرر، لا تسوية 1922، بل خطوة 1924 الحاسمة. وبعد زوال الخلافة، قام مصطفى كمال بصراحته المعروفة، فأدلى بأسباب إزالتها قائلًا بأن الخلافة إنما أدت إلى خراب الشعب التركي الذي أفنى قواه عبثًا في سبيل مثل أعلى لم يكن لمصلحته الوطنية، كما لم يكن ممكن التحقيق بحد ذاته. فالخلافة هي جوهريًا أمر سياسي؛ وأن ما نتج عن محاولة جعلها أمرًا روحيًا لبرهان على ذلك، إذ أصبح الخليفة مركز تجمع للعناصر المستاءة. فإما أن يكون الخليفة رئيسًا للدولة أو لا يكون، ولا يمكنه أن يكون رئيسًا للدولة، إذ ليس بالإمكان اليوم وجود دولة مسلمة متحدة (60).

لقد استفظع المسلمون المحافظون هذه الأقوال في بادئ الأمر، غير أنهم، عندما فكروا مليًا بالموضوع، توصلوا إلى نتائج لم تختلف كثيرًا عنها. ففي 1926، عقد فريق من «العلماء» المصريين «مجمع الخلافة» في القاهرة برئاسة شيخ الأزهر «نظرًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015