المجتمع العامة، عنصرًا ملازمًا للكفاح في سبيل الاستقلال في أيام «الوفد» الأولى.

كانت الأمة محور تفكير لطفي السيد، بمعنيين مختلفين: الأول، بمعنى الوطن القومي الذي هو موضوع كتاباته، والثاني، بمعنى المصلحة الوطنية التي هي معيار الخلقية السياسية ومبدأ الشريعة، والتي بمفهومها الليبرالي تنفي مجموع المصالح الفردية. أما الأمة الإسلامية، فكادت تقع خارج نطاق تفكيره. فهو لم يرفض فكرة الدولة الإسلامية، لكنه تجاهلها، معترفًا ضمنًا بأن لا علاقة لها بقضايا العالم الحديث. وقد قام مفكر آخر من محيطه، وإن كان من جيل لاحق، يصرح بما كان لطفي السيد يلمح إليه تلميحًا، فيدعو مصر إلى تبني مبادئ سياسية أخرى غير مبادئ الإسلام، لا بل يزعم بأن لا وجود لما يسمونه بالمبادئ السياسية الإسلامية. كان هذا علي عبد الرازق (1888 - 1966) شقيق مصطفى، الذي نشر في 1925، كتابًا في «الإسلام وأصول الحكم». تلقى علي عبد الرازق، كأخيه، علومه في الأزهر أولًا، ثم وفد على أوروبا، حيث أكمل دراسته في أكسفورد لا في باريس. وفي كتابه هذا نقع على بعض الإشارات العابرة إلى المفكرين البريطانيين السياسيين كهوبس ولوك (57)، إلا أن تأثير الفكر الإنكليزي المباشر فيه لم يكن كبيرًا. ثم إن الكتاب يعود بنا إلى الجو الفكري الذي خلقه محمد عبده. لكن محمد عبده كان قد توفي منذ عشرين عامًا، فكان لا بد من تطبيق نظراته على قضايا جديدة طرأت في تلك الأثناء. على هذا، كانت القضية المباشرة التي اهتم لها علي عبد الرازق هي قضية الخلافة. ففي 1922، وبعد ثورة مصطفى كمال، ألغت الجمعية الوطنية التركية السلطنة وأقامت خلافة رمزية لا تتمتع إلا بصلاحيات روحية فقط. وفي 1924 عادت فألغت هذه أيضًا. فقام جدل حاد في جميع أنحاء الإمبراطورية حول شرعية هذا التدبير وحول إمكانية أو وجوب إعادة الخلافة. وفي 1922، عندما ألغيت السلطنة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015