الإحسان الفعال وإلى الاتكال على النفس (55).
على هذا الغرار أيضًا انتقد لطفي السيد النظام التربوي القائم. فرأى أن المدارس القرآنية القديمة كانت تتناسب مع الواقع الاجتماعي القائم في القرن الثامن عشر؛ لكنها أصبحت غير فعالة في العالم الحديث. أما مدارس الإرساليات، فكانت بطبيعتها غير مؤهلة لتربية الأطفال المسلمين التربية الخلقية اللازمة. وليس لدى الأساتذة في مدارس الحكومة ما يقدمونه لتلاميذهم. وهكذا كان كل نمط من هذه الأنماط فاسدًا، وكان وجود الثلاثة معًا أشد فسادًا، إذ كان من شأنه تجزئة الأمة. أما النظام المنشود للمدارس فهو الذي يستهدف خلق أمة موحدة خلقيًا ونفسيًا حول العلوم الحديثة والمبادئ الكامنة فيها. ولما كانت الحكومات تنزع دومًا إلى تسخير المدارس لمصالحها الخاصة، وجب أن تكون المدارس حرة لخدمة العلم وحده، وبالتالي أن تنبثق عن أفراد أو هيئات شعبية (56).
غير أن ما كان أهم، في نظر لطفي السيد، حتى من التربية في المدارس إنما هو التربية البيتية. «إن خير العائلة هو خير الأمة»، وقضية العائلة المصرية هي من صلب قضية مصر. وهذه القضية تتعلق، فيما يختص بالطبقات العليا والوسطى، بموضوع حجب المرأة، أو بتعبير آخر، عدم مساواتها بالرجل. أما بين الفلاحين، فالحال على غير ذلك، إذ تساوت النساء بالرجال وقامت روابط الزواج القروية على عاطفة صحيحة. لكن الرجال والنساء ما زالوا يجهلون كثيرًا من الحقائق الضرورية للحياة الصالحة. وهناك قضية خاصة بالشبان المثقفين، ناشئة عن صعوبة العثور، في محيطهم الطبيعي، على زوجات تكون تربيتهن معادلة لتربيتهم. ومن كل هذا ينتج أمران ضروريان: تحرير المرأة وتربيتها. لقد كان الانتصار للمرأة، في نظر لطفي السيد وأبناء جيله، جزءًا جوهريًا من الوطنية الصحيحة. ولم يكن من الصدفة أن تصبح الحركة النسائية التي بدأت، بعد ذلك بعشر سنوات، بالمناداة بنزع الحجاب والمطالبة بإشراك المرأة في حياة