إخوانهم المصريين في ما يبذلونه من نشاط اقتصادي. وقد خاطب السوريين، بنوع خاص، فذكرهم بأنهم يشتركون مع المصريين في اللغة، وبأنهم عاشوا معهم أجيال عدة، وبأنهم، ما داموا يشعرون بانتمائهم إلى مصر، فليكونوا إذن مصريين بعاطفتهم (43). لكنه لم ينس المصريين أنفسهم، ممن أقاموا ولاءهم القومي على اعتبارات غير مصرية صرف، فاعتبروا أنفسهم، بالدرجة الأولى، عثمانيين أو عربًا أو أتراكًا أو مسلمين. فقد ذهب إلى أن القومية الإسلامية ليست قومية حقيقية، وأن الفكرة القائلة بأن أرض الإسلام هي وطن كل مسلم إنما هي فكرة استعمارية تنتفع بها كل أمة استعمارية حريصة على توسيع رقعة أراضيها ونشر نفوذها (44). وهو لم يعتبر حتى فكرة الوحدة الإسلامية قوة سياسية، بل رأى فيها شبحًا خلقه البريطانيون لاستثارة الشعور الأوروبي ضد الحركة القومية في مصر. وهي، حتى لو كانت حقيقية، ستبوء بالفشل حتمًا، لأن الدول إنما تقوم على المصلحة المشتركة لا على الشعور المشترك (45).

كان لطفي السيد يكتب قبل أن تتلون القومية المصرية بلون العروبة. لذلك لم يذكر العرب إلا نادرًا، بالرغم من عطفه عليهم واحترامه لهم واشتراكه بعض الشيء مع محمد عبده في الاعتقاد أن الإسلام والمجتمع الإسلامي لا يوجدان على نقاوتهما إلا في الجزيرة العربية. ولم يكن يعتبر المصريين جزءًا من الأمة العربية، لكنه لم يشدد على هذا الرأي لقلة عدد المصريين المخالفين له فيه آنذاك. أما فكرة القومية العثمانية، فكانت تستدعي اهتمامًا أكبر، خصوصًا بعد ثورة «تركيا الفتاة» في 1908، تلك الثورة التي قضت على حكم عبد الحميد وأعادت الدستور. إذ رأى بعض المصريين أنه ما دام حكم السلطان الأوتوقراطي قد زال، وما دام أن عهدًا جديدًا من المساواة الديموقراطية قد بدأ، فلم تعد مصر بحاجة إلى البقاء منفصلة عن الأراضي العثمانية الأخرى. بل لقد ذهب هذا الفريق أبعد من ذلك،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015