أي مجموع المواهب الناجمة عن الإرادة والمثابرة والنشاط وقوة التسلط؛ وبأن الإيمان الديني هو أهم العوامل المؤثرة في الطبع القومي: «فعندما يولد دين تولد مدنية»؛ وبأن الدين نفسه يتكيف، بعد خمود الحماس الأول، وفقًا للطبع القومي (27).
كانت أهم فكرة بين مجموعة الفكر التي استقاها لطفي السيد من معلمية الغربيين فكرة الحرية، التي أصبحت بالحقيقة محور كل تفكيره: فهي، في نظره، ليست مقياس العمل السياسي فقط، بل أيضًا ضرورة من ضرورات الحياة، و «الغذاء الضروري لحياتنا» (28)، وحالة الإنسان الطبيعية وحقه الأصيل الثابت. كان مفهوم لطفي السيد للحرية، كما يعترف هو نفسه باعتزاز، مفهوم ليبرالي القرن التاسع عشر (29). فهي تعني جوهريًا غياب رقابة الدولة غير الضرورية. فللدولة وظائف محدودة هي الحفاظ على الأمن والعدل والدفاع عن المجتمع ضد العدوان. ويحق للدولة، للقيام بهذه الوظائف، التدخل في حقوق الفرد. أما في ما عدا ذلك، فأي تدخل منها جائر؛ مع العلم أن بعض أنواع التدخل أشد خطرًا من سواه، وخصوصًا العبث بحرية القضاء، أو بحرية الكتابة والقول والنشر، أو بحرية تأليف الأحزاب. إلى هنا تبدو عقيدة لطفي السيد عقيدة القرن التاسع عشر الكلاسيكية. لكنها انطوت أيضًا على شيء آخر، قد يكون لطفي السيد قد استقاه من دراسته لأرسطو. ففي صميم الصورة التي كونها لنفسه عن المجتمع، ينتصب تصوره لما ينبغي أن يكون عليه الإنسان الحر حقيقة ولما هي الحياة الفاضلة: فالإنسان الحر هو الذي، عفويًا ومن تلقاء نفسه وبدون عوائق خارجية، يقوم بوظيفته في المجتمع، فيحقق بذلك طاقاته الإنسانية. والناس كلهم، بهذا المعنى، خيرون بالقوة، وسيأتي يوم في المستقبل يحقق فيه معظم الناس هذا الخير الكامن فيهم (30).
هكذا ينبغي للناس أن يكونوا، وهو ما ليست عليه حال المصريين. ولا تختلف آراء لطفي السيد العامة عن آراء جيله، لكنها