عمل في الجامعة المصرية التي ساعد في تأسيسها خلال سنوات القرن الأولى. وكانت تدعى يومذاك «الجامعة الشعبية». وعندما وسعت وأعيد تنظيمها في 1920، أصبح أستاذًا للفلسفة فيها ثم عميدًا لها. ولما بلغ السبعين من العمر، تقاعد وعاش عيشة هادئة، لكنها لم تكن منسية أو دون تأثير في أصدقائه وتلاميذه.

ترجم في أعوامه الأخيرة كتاب «الأخلاق إلى نيقوموخس» لأرسطو. ولم يضع كتبًا بقلمة مترابطة أو نظامية، بل جمعت مقالاته الدورية المنشورة في عدد من المجلات. لذلك يصعب الحكم على آراء مفكر، بناءً على كتابات قصيرة نشرها حسب الظروف ولم يكن مضطرًا فيها إلى الدفع بآرائه حتى نتائجها المنطقية. لكن الانطباع القوي الذي تتركه فينا قراءة تلك المقالات هو الاندهاش من الدور الصغير الذي لعبه الإسلام في تفكير رجل تتلمذ على محمد عبده. لا شك أنه كان يشعر بأنه هو ومعظم مواطنيه مسلمون بالوراثة وأنهم جزء من الأمة. لكن الإسلام لم يكن المبدأ المسيطر على تفكيره. فهو يهتم، كالأفغاني، بالدفاع عنه؛ لكنه لا يهتم، كمحمد عبده، بإعادة الشريعة الإسلامية إلى مركزها كأساس خلقي للمجتمع. فالدين -سواء كان الإسلام أو غيره- لا يعنيه إلا كأحد العوامل المكونة للمجتمع. نعم، كان يرى أن ليس باستطاعة بلد له تقاليد دينية عريقة. كمصر، أن يقيم حياة الفرد وبناء الفضائل الاجتماعية إلا على أساس الإيمان الديني، وأن الإسلام، كدين لمصر، لا يمكن إلا أن يكون هذا الأساس. لكنه رأى أن أديانًا أخرى قد تصلح لبلدان أخرى. وبتعبير آخر، كان لطفي السيد مقتنعًا بأن المجتمع الديني خير من المجتمع اللاديني (على الأقل في مرحلة معينة من التطور)؛ لكنه لم يكن مقتنعًا كأساتذته بأن المجتمع الإسلامي أفضل من المجتمع اللاإسلامي. وفي هذا يقول: «لست ممن يتشبثون بوجوب تعليم دين بعينه أو قاعدة أخلاقية معينة. ولكني أقول بأن التعليم العام يجب أن يكون له مبدأ من المبادئ يتمشى عليه المتعلم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015