تربيته الأولى تربية قرآنية. لكنه عندما بلغ الثالثة عشرة من عمره. أرسل إلى مدرسة ثانوية في القاهرة. وفي 1889 دخل كلية الحقوق. وكانت معاهد الحقوق في البلدان العربية بمثابة مراكز للفكر والعمل السياسيين. فكان بين رفاق لطفي السيد نفر ممن سيبرزون فيما بعد في الحياة المصرية، أمثال مصطفى كامل، زعيم الحزب الوطني، وثروت باشا وصدقي باشا اللذين شغلا مركز رئاسة الوزارة. وفي هذه الحقبة، التقى لطفي السيد بمحمد عبده وأصبح صديقه وتلميذه. كذلك تعرف إلى الأفغاني في أثناء زيارة قام بها إلى إسطنبول، فأعجب به كثيرًا، مع أنه لم يكن من الممكن أن يقوم تجاوب عميق بين ذهنيته العقلية الطليقة وبين حماس الأفغاني الملتزم والملتهب معًا. وبعد إنجاز دراسته، صرف عددًا من السنين في خدمة الحكومة. ومع أنه لم يستمتع كثيرًا بهذه الخدمة، فقد كان مدينًا لتلك السنوات بمعرفته الحميمة بكل نواحي الحياة المصرية. وفي هذه السنوات أيضًا، أرسى أسس معرفته بالفكر الأوروبي. وقد تجلى في كتاباته تأثير قراءاته الواسعة التي كان بعضها لا يثير الدهشة إذ ذاك، كقراءة روسو وكونت ومل وسبنسر المألوفة لدى المصريين المثقفين في زمنه. لكنه قرأ «أخلاق أرسطو» أيضًا، وحركت مشاعره بعمق كتابات تولستوي التبشيرية الأخيرة.

وبعد أن اعتزل خدمة الحكومة، دخل الحياة العامة كعضو مؤسس لحزب الأمة ورئيس لتحرير «الجريدة». وجاء كل ما كتبه تقريبًا في شكل مقالات «للجريدة» استطاع بها، إلى حد ما، تكوين وعي الأمة المصرية الخلقي. غير أن صفة في طبعة جعلته يكره الحياة العامة فيتعرقل نجاحه فيها، هي رجاحة عقله واستقامة تفكيره. ففي 1915، عندما توقفت «الجريدة» عن الصدور، عين مديرًا للمكتبة الوطنية. وعندما تأسس الوفد، جذبته الحياة العامة إليها مجددًا، إلا أنه سرعان ما اشمأز من السياسة، إذ شاهد الوحدة الوطنية تتصدع بفعل المطامع الشخصية. وطيلة العشرين سنة اللاحقة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015