الاحتقار للمرأة أساس تعدد الزوجات أيضًا. فما من امرأة ترضى بأن تتقاسم الرجل مع امرأة أخرى. وإذا تزوج رجل امرأة ثانية، فلا يكون ذلك إلا لتجاهله رغبات الزوجة الأولى ومشاعرها (11). نعم، يجوز تعدد الزوجات في بعض الحالات، كأن تصاب الزوجة بالجنون أو تكون عاقرًا. لكن على الرجل أن يكون شهمًا أو صبورًا، فلا يمارس حقه في مثل هذه الحالات. ولا يمكن إنكار أن القرآن أجاز تعدد الزوجات بصراحة. غير أنه، إذ أجازه، حذر من أخطاره. فالسورة القرآنية تقول: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً} (12). وهنا يحذو قاسم أمين حذو الطهطاوي ومحمد عبده في التشديد على هذا الشرط، والتنويه بأن الرجال لن يعدلوا أبدًا. أما الطلاق فهو جائز عند الضرورة، إلا أنه غير محبذ بحد ذاته. ومن الأفضل تجنبه بقدر الإمكان واللجوء إليه فقط إذا كان لا مفر منه. وكان أمين يفكر خصوصًا «بالزواج الوهمي» الممارس باسم الشريعة الإسلامية لأسباب مالية وغيرها. ويختم أمين رأيه في هذا الموضوع بالقول: وإذا كان لا بد من الطلاق فيجب أن يكون للمرأة حق الرجل فيه (13).
يتبع قاسم أمين في جميع المواضيع التي يعالجها طريقة محمد عبده، فيحدد العرف الإسلامي بحذر، عوضًا عن التخلي عنه. لقد لقبه الجيل اللاحق بنصير المرأة. لكنه يكاد أن لا يستحق هذا اللقب. فهو لا يقترح مثلًا أن تمنح المرأة حقوقًا سياسية. إلا إنه، مع إقراره بأن ما من سبب مبدئي يحول دون ذلك، فهو يعتبر أن المرأة المصرية بحاجة إلى وقت طويل من التثقيف الفكري قبل أن تصبح جديرة بالاشتراك في الحياة العامة (14). وهو: كمحمد عبده، يخاطب الذين لا يزالون يؤمنون بالإسلام، فيستند في كل موقف يتخذه إلى القرآن والشريعة بعد تفسيرهما التفسير الصحيح أو ما يعتبره التفسير الصحيح. ومعنى ذلك أنه حيث يوجد نص صريح