والتاريخ والجغرافيا وعلم الصحة والفيزيولوجيا، فضلًا عن التربية الدينية والتدريب الرياضي وتثقيف الذوق الفني أيضًا (6).

لكن على التربية أن لا تقتصر على العناية بتدبير المنزل، بل عليها أيضًا أن تتوخى غاية أخرى، وأهم، هي إعداد المرأة لكسب الرزق، إذ في هذا تكمن الضمانة الأكيدة الوحيدة لحقوق المرأة: فما لم تكن المرأة قادرة على إعالة نفسها، تبقى تحت رحمة استبداد الرجل، بصرف النظر عن أي حقوق تمنحها إياها الشريعة، وتضطر للجوء إلى وسائل ملتوية لضمان سلطتها. فالتربية تقضي على الاستبداد وتقضي بذلك على الحجاب وخدر المرأة. وهنا أيضًا يعالج قاسم أمين موضوعه بحذر. فهو لا يريد إلغاء الخدر بحد ذاته، إذ أنه ضروري، في شكل معين، لصيانة الفضيلة، بل ينبغي بالأحرى إعادته إلى ما نصت عليه الشريعة (7). فعلينا، إذن، قبل كل شيء، أن نتساءل عما يقوله القرآن والشريعة في هذا الصدد. وإذا ما فعلنا، فإننا لا نجد تحريمًا عامًا ومطلقًا لسفور النساء، بل نرى أن هذا الأمر قد ترك للمناسبة والعادة. ومن الواضح أنه لا يمكن للمرأة أن تمارس حقوقها وتقوم بدورها في المجتمع من وراء الحجاب. فكيف يمكنها مثلًا أن تعقد العقود وأن تلاحق القضايا الحقوقية؟ إن الحجاب لا يصون الفضيلة، وإنما قد يثير الشهوة الجنسية (8). كذلك لم يتعرض القرآن للخدر إلا بشأن نساء محمد. وبما أن لا نص صريح في الموضوع، توجب، كما رأى محمد عبده، تقرير هذا الأمر وفقًا للخير العام. ولا شك أن للخدر مضاره الاجتماعية وشروره. فهو يمنع المرأة من أن تصبح كائنًا كاملًا، إذ أن المرأة لا تكون كاملة ما لم تتصرف بنفسها، وتتمتع بالحرية التي منحتها إياها الشريعة والطبيعة، وما لم تنم طاقاتها إلى أقصى درجة (9). والخدر، من ناحية أخرى، يقوم على عدم ثقة الرجل بالمرأة. فالرجل لا يحترم المرأة، حين يقفل عليها الأبواب، لظنه أنها ناقصة إنسانيًا. لقد جردها من مزاياها الإنسانية وحصر وظيفتها في أمر واحد هو تمتعه بجسدها (10). وهذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015