الجوهر. وهذا ما يفسر عداءه لبعض الحركات الحديثة في الإسلام، كالبهائية وحركة المفكر الهندي السيد أحمد خان (1817 - 1898). كان على معرفة واسعة بعقائد البهائية، وكان له بين البهائيين معارف وأتباع سياسيون. لكنه رأى في البهائية خطرًا على الأمة، لأنها، على غرار فروع الشيعة الأخرى، تستعيض عن عقيدة النبوة بعقيدة الانبثاق، فتزيل بذلك التمييز بين الخالق والمخلوق، ولأن إيمانها باستمرار الأنبياء وبأن محمدًا لم يكن آخرهم ولا أعظمهم يهدد وجود الأمة بالذات. كذلك هاجم الحركة العصرية التي أطلقها أحمد خان. فقد دعا السيد أحمد هذا، بعد زيارة قام بها إلى إنكلترا في السبعينيات، إلى إسلام جديد أطلق الناس عليه اسم «النيشرية» وهو مأخوذ عن كلمة «نيتشر» الإنكليزية ومعناها الطبيعة. وكان فحوى هذه الدعوة أن القرآن، لا الشريعة، هو من جوهر الإسلام، وأن تأويل القرآن يجب أن يتم وفقًا لمبادئ العقل والطبيعة، وأن النظام الخلقي والحقوقي يجب أن يكون قائمًا على الطبيعة. وقد اطلع الأفغاني على هذه العقيدة عندما كان منفيًا في الهند بعد 1879. وعلى رغم الظواهر، فقد كان هناك فرق شاسع جدًا بين اعتقاده هو أن حقائق الإسلام المنزلة تتلاءم مع النتائج التي يبلغها العقل البشري المستعمل استعمالًا صحيحًا، وبين اعتقاد أحمد خان أن نواميس الطبيعة المستنبطة بالعقل هي القاعدة التي على أساسها يجب تأويل الإسلام والحكم على الأفعال البشرية. فما كان السيد أحمد يعنيه هو أن ليس من شيء فائق لعالم الطبيعة وأن الإنسان هو الحكم في كل الأمور. أو هكذا على الأقل بدت عقيدته للأفغاني الذي نسب، وهذا ما ينم عن طبعه أيضًا، انتشار هذه العقيدة إلى دسيسة بريطانية لإضعاف الإيمان وهدم وحدة المسلمين. لكنه رأى فيها أيضًا تعبيرًا جديدًا عن نزعة في التفكير كانت دومًا تهدد الدين الحقيقي، فوضع لمحاربتها أوسع مؤلفاته: «الرد على الدهريين»، الذي هاجم فيه، تحت هذا الاسم، جميع الذين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015