ووقف على روح الإصلاح الجديد في العالم الإسلامي. وقد ضمن ملاحظاته وأفكاره سلسلة من المقالات نشرت في 1882 في كتاب سماه «مستقبل الإسلام». لقد تتبع عن كثب الأحداث التي أدت إلى الاحتلال البريطاني لمصر، فساعدت خبرته هذه على خلق تيار من التعاطف بينه وبين الحركات القومية في إيرلندا والهند كما في مصر أيضًا. والواقع أنه لعب دورًا في أزمة 1881 - 1882 المصرية، إذ حاول أن يكون صلة الوصل بين حكومة عرابي وغلادستون. لكنه أخفق في التأثير على غلادستون، ولعله ضلل المصريين حول مقدار نفوذه الشخصي وحول ما كانت إنكلترا مزمعة على القيام به. أما الآن، فقد وجه اهتمامه إلى سياسة بريطانيا في مصر والسودان حيث كانت حركة المهدي آخذة في الانتشار، بينما كان غوردن لا يزال يدعم سلطة الحكومة المصرية في الخرطوم. وكان الأفغاني قد أجرى شيئًا من الاتصال بالمهدي بواسطة خريجين سودانيين من الأزهر، ربما أسفر عن حصوله منه على نوع من التفويض بتمثيله. ويبدو أنه كانت هناك فكرة تقضي بأن يذهب بلنط إلى المهدي باسم الحكومة البريطانية، مزودًا بكتاب من الأفغاني للمفاوضة من أجل إطلاق سراح غوردن والوصول إلى اتفاق أعم يتوقف بموجبه المهدي عن زحفه مقابل انسحاب البريطانيين من مصر (13). لكن هذه الخطة لم تسفر عن شيء، ناهيك بصعوبة القول بأنها اتصفت بالجدية في أي وقت من الأوقات. لكن بلنط كان على اتصال بالحلقة الصغيرة التي كانت تحكم إنكلترا، كما كان له أصدقاء أقوياء بين السياسيين الحريصين على انسحاب إنكلترا من مصر. وفي 1885 صرف الأفغاني بعض الوقت في لندن، حيث حل ضيفًا على بلنط، للبحث في مستقبل مصر مع اللورد رندولف شرشل الذي كان يومذاك في أوج نفوذه القصير الأمد. وفي ذلك الوقت كان الأفغاني يرى في روسيا التي كانت تتقدم في أواسط آسيا خطرًا على العالم الإسلامي أشد من خطر بريطانيا. فنوي تحقيق تقارب