والشيخ فضل آل علوي من أهل حضرموت، والشيخ أبو الهدى الصيادي من أتباع الطريقة الرافعية، ومن أشدهم تأثيرًا (5).

كان هذا الشيخ عربيًا من ولاية حلب، ينتمي إلى عائلة اشتهرت محليًا بتصوفها طيلة جيلين على الأقل. وإذ اكسبته شخصيته القوية شهرة واسعة، سافر أولًا إلى بغداد، ثم إلى إسطنبول، حيث تمكن من التأثير شخصيًا على عبد الحميد، لاشتهاره بقوى خارقة من جهة، ولحنكته وإدراكه السياسي من جهة أخرى. فلعب دورًا كبيرًا في سياسة عبد الحميد الدينية، وألف كتبًا عديدة، نثرًا وشعرًا، ترددت فيها الأفكار الآتية: تمجيد الطريقة الرفاعية وتمجيد أجداده؛ شرح التفسير الصوفي والدفاع عنه ضد محاولات الوهابية والحركات المماثلة الداعية إلى السير عكس مجرى التطور بالعودة إلى نقاوة الإسلام البدائي كما تخيلوها؛ الدفاع عن حق السلطان في الخلافة ودعوة جميع المسلمين للالتفاف حول عرشه. وكان يقول بأن الخلافة ضرورة إيمانية، انتقلت شرعيًا من أبي بكر إلى العثمانيين؛ وبأن الخليفة هو ظل الله على الأرض ومنفذ أحكامه؛ وبأن من واجب جميع المسلمين أن يطيعوه وأن يكونوا من الشاكرين إذا أصاب ومن الصابرين إذا أخطأ؛ وبأن عليهم، حتى إذا ما أمرهم بمخالفة شرائع الله، أن يلجئوا، قبل عصيانه، إلى النصيحة والدعاء، واثقين بأن الله أقوى منهم على تغييره (6).

لكن كانت هناك حركة فكرية أخرى تهدف أيضًا إلى توحيد الإسلام في وجه الخطر المشترك. وقد دعا أصحابها إلى أن الحكم الإسلامي الأوتوقراطي الشخصي لا يمكنه أن يشكل محورًا للوحدة. لذلك لم يقبلوا، بالرغم من رغبتهم في التعاون مع عبد الحميد أو أي حاكم آخر يعمل لهذا الهدف، أن يسخروا لمصالح عرشية صرف. وقد يكون من الأصح هنا التحدث عن شخص لا التحدث عن حركة. وما ذلك إلا لأن فكرة «الوحدة الإسلامية» الثورية هذه، وذلك الخليط من الشعور الديني والوطني

طور بواسطة نورين ميديا © 2015