الدستور، كانت هذه الفكرة قد كسبت رواجًا كافيًا لإدخالها فيه، فنص على «أن جلالة السلطان بوصفه خليفة أعلى هو حامي الدين الإسلامي» (4).
أما الآن، في عهد عبد الحميد، فقد دعمت الفكرة على نطاق واسع. وكان الغرض من ذلك استخدامها كوسيلة سياسية لكبح جماح الدول الأوروبية التي كانت تحكم رعايا مسلمين من الروس في القوقاز والتركستان، ومن الفرنسيين في شمالي أفريقيا، ومن البريطانيين في الهند. كما كان الغرض من ذلك أيضًا، تعزيز الشعور بالولاء لدى الشعوب الإسلامية التي كان ولاؤها عرضة للتزعزع من جراء علمنة القوانين وانتشار الأفكار الليبرالية أو عدوى القومية. لقد كان للسلطنة، بالنسبة للأتراك، طابع قومي، ولم تكن قد انقطعت بعد الصلة الحقيقية بين السلطان وشعبه، كما سيحدث في أواخر أيام الإمبراطورية. فلم تدع الحاجة، إذن، إلى حثهم على الولاء بقدر ما دعت إلى حث سواهم من الرعايا المسلمين، كالألمانيين والأكراد، وبنوع خاص، العرب. فقد كان العرب أكبر الجماعات الإسلامية في الإمبراطورية وأكثرها قدرة على كسب لتأييد للسلطان الخليفة في آسيا وأفريقيا، وذلك لانتشار اللغة العربية بين أبناء الأمة حيثما وجدوا. وإذ كانوا أيضًا مفتاح أفريقيا خصوصًا، فقد رجي بواسطتهم مقاومة امتداد النفوذ الأوروبي إلى الأقاليم الافريقية، لا بل ربما الاستيلاء على أراض جديدة حيثما كان الإسلام آخذًا في الانتشار. وعلى هذا اعتمدت الدعوة «إلى الوحدة الإسلامية» اللغة العربية واستعانت، لتحقيق فكرتها، برعايا من أصل عربي. فكان أحمد فارس الشدياق أول من استخدموا لهذه الغاية، وذلك في عهد عبد العزيز. ثم جمع عبد الحميد عددًا من نظراء الشدياق، وعددًا من المشايخ العرب، معظمهم من أتباع الطرق الصوفية، تنافسوا في تمجيد دعوته واكتساب رضاه. فكان منهم الشيخ أحمد ظافر المكي، وهو من أتباع الطريقة الشاذلية،