السبب الأول: الكفر، سواء كان صريح القول، أو بأي فعل أو قول يستلزم الكفر، فإذا صدر من الإمام ذلك بطلت إمامته، وخرجت الأُمة عن بيعته، ووجب عليهم الخروج عليه وخلعه.
أما موجبات الفسق، سواء بارتكاب المحظورات، أو باعتناق بعض البدع غير المكفرة، فلا يستوجب العزل.
قال الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم: (أجمع أهل السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق)، ذلك لأن ضرر الفتنة التي قد تنشأ عن عزله يفوق في الغالب ضرر بقائه متلبساً بالفسق.
فقد علمت سابقاً أن الإمامة لا تنعقد لفاسق ابتداءً، فأما الفسق الطارئ بعد انعقاد الإمامة، فلا نعزل به الإمام لما قد علمت. وإن كان الفسق منه معصية وحراماً.
السبب الثاني: طروء نقص جسمي في شيء من أعضائه أو حواسه، بحيث يقعده عن القيام بواجبات الإمامة، كزوال البصر، أو السمع، أو كانقطاع يده أو رجله أو نحو ذلك. والعبرة ليست بشكل النقص، بل بما يترتب عليه من تعذر القيام بمهام الإمامة والحكم، فإن كان بحيث لا يضير في شيء من ذلك فلا يستوجب العزل، ولا يعتبر مجرد الشين في الجسم موجباً للعزل.
ومثل نقص شيء من الحواس والأعضاء فيما ذكرنا طروء خبل أو جنون ولو كان متقطعاً، فإذا كان من الشدة والكثرة بحيث يؤثر على نهوضه بواجبات الحكم عُزل وإلا فلا.
السبب الثالث: طروء نقص في إمكان التصرف، وهو يكون لأحد سببين:
أحدهما: الحجر: كأن يستولي عليه من أعوانه من يستبد بتنفيذ الأمور، فهذا الحجر لا يكون سبباً لانعزاله، ولا يقدح في استمرار إمامته، ولكن يُنظر في حكم المستولي وسياسته، فإن كان جاريين وفقاً لأحكام الدين ومقتضي العدل، وجب إقراره عليها، مع استمرار حكم الإمامة للإمام الأصلي، أما إن كانت أحكام المستولي خارجة عن حكم الدين ومقتضي العدالة، فلا يجوز إقراره عليها، بل يجب على المسلمين كف يده، وبذل كل ما في الوسع لإزالة تغلبه.