وإذاً فإن علاقة الإمام بالناس قائمة على الأُسس التالية:

1 - الإمام مستخلف فيهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن خلفائه من بعده، مع ملاحظة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يُوحي إليه، وكانت آراؤه الاجتهادية أحكاماً شرعية إذا أقرها الوحي ولم يردها أما خلفاؤه من بعده فليس أمامهم إلا كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وما أجمع عليه المسلمون، وما أمره الله بأن يجتهد فيه، وهو داخل في عموم دلالة السنة.

2 - الإمام ولىّ لأمور المسلمين العامة، وهو التي لا تغني فيها ولاية الأفراد بعضهم على بعض. ومن ثمّ فتصرفاته في أمورهم منوطة بالمصلحة، أي لا تعتبر عنها أحكام الله عز وجل، لا لسيادة يتمتع بها عليهم، بل ليمكنوه من العمل على تحقيق مصالحهم العامة، والتنسيق بينهما وبين مصالح الأفراد.

3 - الإمام هو الذي يباشر الإشراف على عمل من دونه من الولاة والوزراء والقضاة، فيما وكّل إليهم من الخدمات المختلفة للأُمة، فهو مرجعها فيما قد يكون لها من شكوى أو ظلامة عند أحد من ولاته أو موظفيه، وليس له أن يفوّض الأمور إلى من دونه، ثم ينصرف إلى شؤونه وملاذه، أو مصالحه الخاصة.

يقول الإمام الماوردي في الأحكام السلطانية: (عليه أن يباشر بنفسه مشارفة الأمور، وتصفّح الأحوال، لينهض بسياسة الأمة وحراسة الملّة، ولا يعّول على التفويض تشاغلاً بلذة أو عبادة، فقد يخون الأمين، ويغش الناصح).

4 - وعلاقة الإمام بالأمة بناءً على ذلك كله، هي علاقة خادم أمين بمخدومه، ورب الأسرة الرحيم بأفراد أسرته، ويبذل جهده لإسعادها، ولا يدّخر وسعاً لنشر الأمن والرخاء في ربوعها، ينساق لتحقيق ذلك كله بروح من الرحمة والإخلاص، لا بدافع من الوظيفة أو الإكراه.

ما ينعزل به الإمام:

ينعزل الإمام عن الإمامة بواحد من الأسباب التالية:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015