ثانيهما: القهر: ويقصد به أن يقع الإمام في قبضة عدوٌّ قاهر لا سبيل للخلاص منه، ففي هذه الحالة يجب على الأمة كافة العمل بكل الوسائل على استنفاذه، وهو مستمر حكماً في إمامته، ما كان مرجو الخلاص، مأمول الفكاك، فإذا وقع اليأس من إمكان استنقاذه، فإن إمامته تُلغي عن الاعتبار، وعلى أهل الحل والعقد المبادرة باختيار غيره، فإن كُتب للأول الخلاص بعد مبايعة الثاني لم يعد إلى الإمامة، أو قبل مبايعته عاد إلى الإمامة دون الحاجة إلى عقد أو بيعة جديدة له.
السبب الرابع: أن ينعزل الإمام نفسه: بأن يستقيل عن الحكم لأمر ما، فإن كان في المسلمين من يمكن أن يقوم مقامه، ممن تتوفر فيه شروط الإمامة، وإن كان دونه في الكفاءة والمقدرة، صحت استقالته، وعُزل بذلك عن الحكم، وإن لم يكن في المسلمين من يقوم مقامه، أو يسد مسده لم تقبل استقالته، ولم يكن لعزله نفسه أي أثر شرعي صحيح، إذ إن للمسلمين حينئذ أن يحملوه حملاً على الإمامة، وعليه أن يقبلها راضياً أو كارهاً.
والإمامة وإن كانت ـ كما قلنا فيما مضى ـ عقد تراض بين طرفين، إلا أنها في مثل هذه الحالة تصبح عقد إجبار، شأنها كشأن كثير من العقود الرضائية التي تصبح عقوداً جبرية لأسباب استثنائية طارئة ـ وشأنها في ذلك شأن فروض الكفاية عند تعين من يقوم بها، فإنها تصبح فرض عين بالنسبة إليه.
فإذا عزل الإمام لسبب من هذه الأسباب الأربعة، أصبح المسلمون كافة في حل من طاعته وبيعته، وعاد في أهليته ووضعه المدني كشأن أي فرد عادي من المسلمين.
فإن ذهب السبب الموجب للعزل قبل أن ينصب غيره لم يكن ذلك موجباً لأن يعود إلي الإمامة بشكل آلي، بل لا بد من بيعة جديدة له من أهل الحل والعقد.
تنصيب الإمام بهذا الشكل الذي رأيت، ولتحقيق المهام التي تحدثنا عنها واجب متعلق بأعناق المسلمين حيثما كانوا، فإن لم ينهضوا به تحقيقاً لأمر الله عز