والمراد بالحديث: أنا نؤثر غيرنا على أنفسنا، ونفضلهم عليها].
فلما توفي النبي - صلى الله عليه وسلم - كان لابد أن يبايع الناس من ينوب منابه، - صلى الله عليه وسلم - في إدارة أمور المسلمين، ورعاية شؤونهم، وتصريف أمور الدولة الإسلامية، تعبيراً بذلك عن استمرار بيعتهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - واستمرار طاعتهم له، بطاعة خلفائه من بعده.
وشروط البيعة لتنعقد بها الخلافة والإمامة ثلاثة أمور:
الأمر الأول: أن تصدر من أهل الحل والعقد، من شتي الأقطار والبلاد.
وأهل الحل والعقد هم: العلماء، والزعماء، ووجوه الناس الذين يهرع إليهم عادة في حل المشكلات، وتدبير الأمور، ولا يشترط أن يجتمع على البيعة جميع أهل الحل والعقد من سائر البلدان، كما لا يُشترط لذلك عدد معين، بل يُكتفي بمبايعة جماهيرهم من كل بلدة، سيان في ذلك الرجال والنساء، سوى أن بيعة النساء تختلف عن بيعة الرجال، بأن الأولي لا مصافحة فيها، بل يقتصر فيها على المعاهدة باللسان، دليل ذلك: مبايعة أهل مكة للنبي - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة، فقد بايعه الرجال والنساء، لكنه أحجم عن مصافحة النساء.
فإذا بايع أهل الحل والعقد، أو جماهيرهم، رجلاً ممن توفرت لديه شروط الإمامة، انعقدت له الإمامة بذلك، وكان على سائر المسلمين أن يدخلوا في بيعته حقيقة أو حكماً، بأن يبايعه مباشرة، أو يعقد العزم على السمع والطاعة له ضمن الحدود المشروعة التي سوف نتحدث عنها. وإنما لم يشترط مبايعة جميع الناس له، واكتفي بأهل الحل والعقد منهم، لأن أهل الحل والعقد هم الذين ينعقد بهم الإجماع الذي هو مصدر من مصادر الشريعة وإذا قام الإجماع بهم، لم يسع بقية الناس إلا الدخول فيما اتفقوا وأجمعوا عليه، إذ الإجماع دليل قطعي لا تجوز مخالفته.
الأمر الثاني: أن يتوفر في المبايعين من أهل الحل والعقد كل من:
أدرجة الاجتهاد في موضوع الإمامة وأحكامها.
ب - وصفة الشهود من العدالة وتوابعها.