وذلك لأن مصالح كل منهما تتعارض مع مصالح الآخر، فالبائع يرغب بثمن أكبر وشروط أقل، والمشتري يرغب بشروط في المبيع أفضل وبثمن أقل، وهكذا. كما أن للبيع أحكاماً تتعلق بقبض المبيع وأحكاماً تتعلق بقبض الثمن، وكل منها تترتب عليه مسؤوليات قد تعارض الأخرى، فلا يمكن أن يكون الجميع من مسؤولية شخص واحد.
وعلى هذا فلو وكَل أحداً ببيع بعض أمواله فليس لهذا الوكيل أن يشتريها لنفسه، ولو وكَّلَ أحداً بشراء سلع ما، وكان الوكيل يملك هذه السلع فليس له أن يشتريها من نفسه لموكِّله. وكذِّلك لو كان رجل وكيلاً عن شخصين: فليس له أن يشتري من مال أحدهما للآخر، للمعنى الذي سبق، ولأن حقوق البيع من قبض وتسليم وغيرها تتعلق بالوكيل، وقد تحتاج إلى الخصومة والتقاضي، فلا يمكن أن يكون الشخص الواحد خصماً ومخاصماً في آن واحد
ويستثنى من ذلك: بيع الولي - وهو الأب - مال ابنه القاصر من نفسه: لأنه لا يُتَّهم بغَبْنه لمزيد شفقته عليه. وكذلك بيع القاضي أموال القاصرين الذين تحت ولايته بعضهم من بعض، لأن ولايته عامة، وقد يضطر إلى مثل هذا البيع.
4 - البصر: فلا يصح بيع الأعمى ولا شراؤه، لأن في ذلك جهالة فاحشة، فيوكل مَن يشتري له أو يبيع.
الركن الثاني: الصيغة:
وهي اللفظ الذي يصدر من المتعاقدين، معَّبراً عن رغبتهما في التعاقد ورضاهما به وقصدهما إليه. فقد علمنا أن الرضا شرط لصحة عقد البيع، وأن الرضا أمر خفيّ أُقيم مقامه ما هو مظِنّة له، وهو التصرف الذي يعتّبر به العاقدان عن رضاهما بالبيع، وهذا التصرف هو الصيغة، وتشمل الإيجاب من البائع، كقوله: بعتك هذا الثوب بكذا، والقبول من المشتري، كقوله: قبلته، أو اشتريته، وما إلى ذلك.