والصيغة قد تكون صريحة وقد تكون كناية:
فالصريحة: كل لفظ تكون دلالته ظاهرة على البيع والشراء، كقوله: بعتك وملّكتك، وقول المشتري: اشتريت وتملّكت، ويكفي في القبول أن يقول: قبلت.
والكناية: هي اللفظ الذي يحتمل البيع كما يحتمل غيره، كقول البائع: جعلتُه لك بكذا، أو: خذه بكذا، أو تسلَّمه بكذا، وقول المشتري: أخذته أو تسلّمته.
فالصيغة الصريحة ينعقد بها البيع - إذا توفّرت شروطها - بمجرد التلفظ بها، ولا تحتاج إلى نيّة. بينما ألفاظ الكناية لا ينعقد فيها البيع إلا إذا اقترنت بنيته، أو دلّت القرائن على إرادته.
وهل ينعقد البيع بالمعاطاة؟ كأن يُقبض البائع المبيع ويُقبضه المشتري الثمن، من غير أن يتلفظ واحد منهما بشيء، أو يتلفظ أحدهما ويسكت الآخر.
المشهور في المذهب: أنه لا بدَّ من التلفظ من العاقدين، وأن البيع لا يصح بالمعاطاة. وبعض فقهاء المذهب صحَّح البيع بالمعاطاة في غير النفيس من الأشياء كرطل خبز وحزمة بصل ونحو ذلك، ولم يصححه في النفائس من السَّلَع والمبيعات ذات القيمة العالية.
وأجاز ذلك مطلقاً المتأخرون من فقهاء المذهب - كالنووي رحمه الله تعالى - إذا جرى به العرف. وهذا أيسر للناس وأرحم، وأبعد عن إيقاعهم في الإثم وإبطال بياعاتهم، ولا سيما في هذه الأيام التي أصبح البيع بالمعاطاة فيها هو الشائع والغالب، وقلما تجد متبايعين يتلفظان بإيجاب أو قبول.
وما سبق بالنسبة لمن يستطيع النطق، وأما الأخرس: فيُكتفى منه بإشارته المفهمة، المعهودة عنه في مثل هذا التصرف، فإنها تنوب منه مناب النطق للضرورة، لأنها تدل على ما في نفسه كما يدل اللفظ عما في نفس الناطق. وتقوم الكتابة منه مقام الإشارة، بل هي أولى، لأنها أقوى في الدلالة على الإرادة والرضا.