الرشد شرط للتسليط على المال وصحة التصرّف فيه، والبيع والشراء تصرف بالمال، فاشترط فيه الرشد.
وكذلك كل من الصبي والمجنون ليس أهلاً للتصرف، لأنه غير مكلف، قال - صلى الله عليه وسلم -: " رفع القلم عن ثلاثةٍ: عن المجنون المغلوب على عقله حتى يبرأ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم - أي يبلغ " (أبو داود: الحدود، باب: في المجنون يسرق أو يصيب حداً، رقم: 4401).
ورفع القلم يعني عدم المؤاخذة، والعقود تترتب عليها أحكام، ومن كان غير مؤاخذ عن تصرفاته فليس أهلاً لإنشائها.
2 - أن يكون مختاراً مريداً للتعاقد: أي أن يبيع أو يشتري وهو قاصد لما يقوم به من تصرف بملء حريته ورغبته، راضياً بالتعامل الذي ينشئه.
ودليل ذلك قوله تعالى: {إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ} (النساء29). وقوله - صلى الله عليه وسلم - "إنما البيع عن تراض" (أخرجه ابن ماجه في التجارات، باب: بيع الخيار، رقم: 2185). أي إنما يعتبر ويصح إذا كان عن تراضٍ من المتعاقدين.
فعلى هذا لا يصح بيع المكروه ولا شراؤه، لعدم تحقق الرضا منه، وذلك أن الرضا أمر خفيّ، يدل عليه التصرف القولي أو الفعلي حال عدم الإكراه، وأما حال الإكراه فلم يبق القول الظاهر مظنة للرضا الخفي، وإنما أصبح مشكوكاً فيه أو مقطوعاً بعدم وجوده، فلم تعتبر الأقوال، ولم يصح البيع.
ومثل المكره من تلفّظ بالبيع أو الشراء هازلاً، لأنه في معنى المكره، من حيث عدم الرضا بهذا التعامل وعدم القصد إليه.
ويستثنى من عدم صحة بيع المكره ما لو كان الإكراه بحق، كأن يكون على إنسان ديون يماطل في وفائها، ولديه سلع يمتنع عن بيعها، فللقاضي أن يجبره على بيعها لأداء الحقوق لأصحابها، ويكون البيع هنا صحيحاً إقامة لرضا الشارع مقام رضا العاقد.
3 - تعدّد طرفي العقد: أي أن يوجد عاقدان بأن يكون البائع غير المشتري