وهذا الذي ثبت في الكتاب والسنّة أجمعت عليه الأمة في مختلف العصور والأزمان.
إن الناس في حاجة إلى كثير من السلع، ولا يستطيع كلّ منهم أن ينتج جميع ما يحتاج إليه منها، فكان لا بدّ من أن يبادل بعضهم بعضاً بهذه السلع، وهذا التبادل لا يحصل إذا لم يكن هناك تراضٍ عليه، وهذا التراضي هو عقد البيع. وكذلك ربما ملك بعضهم النقد ولم يملك سلعاً، وعكس ذلك يقع، فيحتاج ذو النقد إلى السلع، وذو السلع إلى النقد، وكل ذلك لا يحصل غالباً إلا بالبيع. وأيضاً من شأن الإنسان أن يسعى إلى الربح، والبيع والشراء هو الطريق السليم لتحصيل ذلك، والله تعالى أعلم.
علمنا أن البيع عقد، وكل عقد لا بدّ فيه من أركان حتى يوجد، ولا بدّ لهذه الأركان من شروط حتى يصحّ العقد، وبالتالي تترتب عليه آثاره، وهي ما قرره شرع الله تعالى له من أحكام، ولنتكلم عن ذلك كله بعون الله تعالى فنقول: أركان عقد البيع ثلاثة:
الركن الأول: العاقدان
هما البائع والمشتري اللذان يقوم العقد بتوافق إرادتيهما، ويشترط في كل منهما:
1 - أن يكون رشيداً، أي بالغاً عاقلاً يحسن التصرف في المال. فلا يصح بيع ولا شراء الصبي والمجنون، وكذلك المحجور عليه لسفه، أي لسوء تصرفه بالمال: إما بإنفاقه في المحرمات، أو تبديده في المباحات، أو لغفلة وعدم خبرة.
ودليل هذا:
قوله تعالى: {وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} (النساء6) فقد أمر الله تعالى الأولياء باختبار مَن كانوا تحت ولايتهم من اليتامى بالمعاملة حين يبلغون، فإن ظهر منهم حسن تصرف بالمال دفعت إليهم وسلطوا عليها، فدلّ ذلك على أن