أما القرآن:
فقد صرّح بحِلّ البيع في معرض الرد على أولئك المتعنتين، الذين أرادوا أن يحتّجوا لتعاملهم بالربا بأنه شبيه بالبيع، فقال سبحانه: {وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (البقرة275) كما قال تعالى في معرض الكلام عن تبادل الأموال: {لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ} (النساء29) فالأكل المراد به الأخذ، وعبّر بالأكل عنه لأنه هو المقصود غالباً من أخذ المال، والباطل أي بغير حق، والتجارة هي البيع والشراء.
وهناك آيات أخرى تأتي خلال البحث عند الاستدلال بها في مواضعها.
وأما السنة:
ففي ذلك أحاديث كثيرة من قوله - صلى الله عليه وسلم - وفعله وإقراره لعمل أصحابه، كلها تدل على مشروعية البيع، منها:
- ما رواه الزبير بن العوام رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " لأن يأخذ أحدكم حبله، فيأتي بحزمة الحطب على ظهره، فيبيعها، فيكف الله بها وجهه، خير له من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه " (أخرجه البخاري في الزكاة، باب: الاستعفاف عن المسألة، رقم: 1402).
[فيكف الله بها وجهه: أي يحميه بسببها من ذلّ السؤال وإراقة ماء الوجه].
- وأما فعله - صلى الله عليه وسلم -: فمن ذلك ما روته عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اشترى طعاماً من يهودي إلى أجل، ورهنَه درعاً من حديد. (أخرجه البخاري في البيوع، باب: شراء النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنسيئة، رقم: 1962. ومسلم في المساقاة، باب: الرهن وجوازه في الحضر والسفر، رقم: (1603).
[والنسيئة: هي التأخير، أي تأخير الثمن إلى أجل].
- وقد كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتبايعون على مشهد منه ومسمع، أو يعلم بذلك، فيقرّهم ولا ينكر عليهم، والأمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى. (انظر البخاري: كتاب البيوع، باب: ما قيل في الصواغ، وباب: بيع السلاح في الفتنة وغيرها).
وسيأتي معنا خلال البحث أحاديث كثيرة، نستدل بها في مواضعها، كلها تدل على جواز البيع ومشروعيته في الإسلام.