صلى الله عليه وسلم كان ناسياً لها لما هو فيه من الشغل، كما جاء في الصحيحين «عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب: شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً» .

والحاصل أن الذين صلوا العصر في الطريق جمعوا بين الأدلة، وفهموا المعنى فلهم الأجر مرتين، والآخرين

حافظوا على أمره الخاص، فلهم الأجر رضي الله عن جميعهم وأرضاهم.

وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية علي بن أبي طالب رضي الله عنه، واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم، ونازل حصون بني قريظة وحصرهم خمساً وعشرين ليلة، وعرض عليهم سيدهم كعب بن أسد ثلاث خصال: إما أن يسلموا ويدخلوا مع محمد في دينه، وإما أن يقتلوا ذراريهم ويخرجوا جرائد فيقاتلوا حتى يقتلوا عن آخرهم أو يخلصوا فيصيبوا بعد الأولاد والنساء، وإما أن يهجموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يوم سبت حين يأمن المسلمون شرهم، فأبوا عليه واحدة منهن.

وكان قد دخل معهم في الحصن حيي بن أخطب حين انصرفت قريش، لأنه كان أعطاهم عهداً بذلك حتى نقضوا العهد وجعلوا يسبون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسمعون أصحابه بذلك، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخاطبهم، فقال له علي رضي الله عنه: لا تقرب منهم يا رسول الله ـ خشية أن يسمع منهم شيئاً ـ فقال: «لو قد رأوني لم يقولوا شيئاً» ، فلما رأوه لم يستطع منهم أحد أن يتكلم بشيء.

ثم بعث صلى الله عليه وسلم أبا لبابة بن عبد المنذر الأوسي، وكانوا حلفاء الأوس، فلما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015