لِأَن الشَّيْء وذاته هِيَ هُوَ وَهُوَ هِيَ وكل مَا ذكرنَا من الْوُجُوه يُوجب أَن يكون الشَّيْء غير ذَاته وَهَذَا محَال وباطل بِالْمُشَاهَدَةِ والحس فَهَذَا وَجه قد بَطل ثمَّ نقُول وَإِن كَانَ خرج عَن الْعَدَم إِلَى الْوُجُود بِغَيْر أَن يخرج هُوَ ذَاته أَو يُخرجهُ غَيره فَهَذَا أَيْضا محَال لِأَنَّهُ لَا حَال أولى بِخُرُوجِهِ إِلَى الْوُجُود من حَال أُخْرَى وَلَا حَال أصلا هُنَالك فَإِذا لَا سَبِيل إِلَى خُرُوجه وَخُرُوجه مشَاهد مُتَيَقن فحال الْخُرُوج غير حَال اللاخروج وَحَال الْخُرُوج هِيَ عِلّة كَونه وَهَذَا لَازم فِي تِلْكَ الْحَال أَعنِي إِن حَال الْخُرُوج يلْزم فِي حدوثها مثل مَا لزم فِي حُدُوث الْعَالم من أَن تكون أخرجت نَفسهَا أَو أخرجهَا غَيرهَا أَو خرجت بِغَيْر هذَيْن الْوَجْهَيْنِ وَهَكَذَا فِي كل حَال فَإِن تمادي الْكَلَام وَجب بِمَا قدمْنَاهُ إِلَّا نِهَايَة وَإِلَّا نِهَايَة فِي الْعَالم من مبدئه بَاطِل مُمْتَنع محَال فَإِذا قد بَطل أَن يخرج الْعَالم بِنَفسِهِ وَبَطل أَن يخرج دون أَن يُخرجهُ غَيره فقد ثَبت الْوَجْه الثَّالِث ضَرُورَة إِذْ لم يبْق غَيره الْبَتَّةَ فَلَا بُد من صِحَّته وَهُوَ أَن الْعَالم أخرجه غَيره من الْعَدَم إِلَى الْوُجُود وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق وَأَيْضًا فَإِن الْفلك بِكُل مَا فِيهِ ذُو آثر مَحْمُولَة فِيهِ من نقلة زمانية وحركة دورية فِي كَون كل جُزْء من أَجْزَائِهِ فِي مَكَان الَّذِي يَلِيهِ والأثر مَعَ الْمُؤثر من بَاب الْمُضَاف فَإِن لم يكن أثرٌ لم يكن مؤثرٌ وَإِن لم يكن مُؤثر لم يكن أثرٌ فَوَجَبَ بذلك أَنه لَا بُد لهَذِهِ الْآثَار الظَّاهِرَة من مؤثرٌ أَثَرهَا وَلَا سَبِيل إِلَى أَن يكون الْفلك أَو شَيْء مِمَّا فِيهِ هُوَ الْمُؤثر لِأَنَّهُ يصير هُوَ الْمُؤثر والمؤثر فِيهِ مَعَ أَن الْمُؤثر والأثر من بَاب الْمُضَاف أَيْضا وَمعنى قَوْلنَا أَن الْمُؤثر والأثر والمؤثر فِيهِ من بَاب الْمُضَاف إِنَّمَا هُوَ أَن الْأَثر والمؤثر فِيهِ يقتضيان مؤثرا وَلَا بُد وَلم يرد أَن الْبَارِي تَعَالَى يَقع تَحت الْإِضَافَة فَلَا بُد ضَرُورَة من مُؤثر لَيْسَ مؤثراً فِيهِ وَلَيْسَ هُوَ شَيْئا مِمَّا فِي الْعَالم فَهُوَ بِالضَّرُورَةِ الْخَالِق الأول الْوَاحِد تبَارك وَتَعَالَى فصح بِهَذَا أَن الْعَالم كُله مُحدث وَأَن لَهُ مُحدثا هُوَ غَيره هَذَا الَّذِي مَا نرَاهُ ويشاهد بالحواس من آثَار الصَّنْعَة الَّتِي لَا يشك فِيهَا ذُو عقل

وَمن بعض ذَلِك تراكيب الأفلاك وتداخلها ودوام دورانها على اخْتِلَاف مراكزها ثمَّ أفلاك تداويرها والبون بَين حَرَكَة أفلاك التداوير والأفلاك الحاملة لَهَا ودوران الأفلاك كلهَا من غرب إِلَى شَرق ودوران الْفلك التَّاسِع الْكُلِّي بِخِلَاف ذَلِك من شَرق إِلَى غرب وإدارته لجَمِيع الأفلاك مَعَ نَفسه كَذَلِك فَحدث من ذَلِك حركتان متعارضتان فِي حَرَكَة وَاحِدَة فالبضرورة نعلم أَن لَهَا محركاً على هَذِه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015