أَيْضا وَمِنْه تحرى الْقبْلَة وَلَا يكون مَعَ الشَّك فِي الْإِصَابَة وَلِهَذَا لَا يُوصف الله تَعَالَى بِهِ فَلَيْسَ هُوَ من الْإِرَادَة فِي شَيْء
أَن التوخي مَأْخُوذ من الوخي وَهُوَ الطَّرِيق القاصد الْمُسْتَقيم وتوخيت الشَّيْء مثل تطرقته جعلته طريقي ثمَّ اسْتعْمل فِي الطّلب والإرادة توسعا وَالْأَصْل مَا قُلْنَاهُ
أَن توطين النَّفس على الشَّيْء يَقع بعد الْإِرَادَة لَهُ وَلَا يسْتَعْمل إِلَّا فِي مَا يكون فِيهِ مشقة أَلا ترى انك لَا تَقول وَطن فلَان نَفسه على مَا يشتهية
أَن قصد القاصد مُخْتَصّ بِفِعْلِهِ دون فعل غَيره والإرادة غير مُخْتَصَّة بِأحد الْفِعْلَيْنِ دون الآخر وَالْقَصْد أَيْضا إِرَادَة الْفِعْل فِي حلا إيجاده فَقَط وَإِذا تقدمته بأوقات لم يسم قصدا أَلا ترى أَنه لَا يَصح أَن تَقول قصدت أَن أزورك غَدا
أَن الْحَج هُوَ الْقَصْد على استقامة وَمن ثمَّ سمي قصد الْبَيْت حجا لِأَن من يقْصد زِيَارَة الْبَيْت لَا يعدل عَنهُ إِلَى غَيره وَمِنْه قيل للطريق الْمُسْتَقيم محجة وَالْحجّة فعله من ذَلِك لِأَنَّهُ قصد إِلَى استقامة رد الْفَرْع إِلَى الأصلد
أَن الحرد قصد الشَّيْء من بعد وَأَصله من قَوْلك رجل حريد الْمحل إِذا لم يخالط النَّاس وَلم يزل مَعَهم كَوْكَب حريد منتح عَن الْكَوَاكِب وَفِي الْقُرْآن (وعدوا على حرد قَادِرين) وَالْمرَاد أَنهم قصدُوا أمرا بَعيدا وَذَلِكَ أَن الله أهلك ثمرتهم بعد الآنتفاع بهَا
أَن الْإِرَادَة سميت إِصَابَة على الْمجَاز فِي قَوْلهم أصَاب الصَّوَاب وَأَخْطَأ الْجَواب أَي أَرَادَ قَالَ الله تَعَالَى (رخاء حَيْثُ أصَاب) وَذَلِكَ أَن أَكثر الْإِصَابَة تكون مَعَ الْإِرَادَة
أَن النَّحْو قصد الشَّيْء من وَجه وَاحِد يُقَال نحوته إِذا قصدته من وَجه وَاحِد